" صفحة رقم ٢٤ "
قال عطاء : كانوا ستة عشر ألفاً، وقال سعيد بن المسيب : حدّثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله ( ﷺ ) لم يقفوا لناحلب شاة، فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم، حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله ( ﷺ ) فتلقّانا رجال بيض الوجوه، حسان الوجوه فقالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا، فرجعنا وركبوا أكتافنا فكانوا إياها، يعني الملائكة.
وفي الخبر أن رجلاً من بني نضر يقال له شجرة قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق، والرجال عليهم ثياب بيض ماكنا نراكم فيها (........... )، وما كان قتلنا إلا بأيديهم فأخبروا بذلك رسول الله ( ﷺ ) فقال : تلك الملائكة.
قال الزهري : وبلغني أن شيبة بن عثمان قال : استدبرت رسول الله ( ﷺ ) يوم حنين وأنا أريد أن أقتله بطلحة بن عثمان، وعثمان بن طلحة، وكانا قد قتلا يوم أُحد، فأطلع الله تعالى رسوله على ما في نفسي فالتفت إليَّ وضرب في صدري وقال : أُعيذك بالله ياشيبة، فارتعدت فرائصي فنظرت إليه وهو أحبّ إليَّ من سمعي ومن بصري فقلت : أشهد أنك رسول الله، وأن الله أطلعك على مافي نفسي.
فلمّا هزم الله المشركين ولّوا مدبرين وانطلقوا حتى أتوا ( أوطاس ) وبها عيالهم وأموالهم فبعث رسول الله إلى هناك رجلاً من الأشعريين يقال له : أبو عامر وأمّره على الناس، فسار إليهم فاقتتلوا بها، ثم إن الله تعالى هزمهم، وثبتوا قبال المشركين وهزم أميرهم مالك بن عوف النضري، فأتى الطائف فتحصّن بها وأخذ أهله وماله فيمن أخذ، وقتل أمير المسلمين ابن عامر، ثم إن رسول الله ( ﷺ ) أتى الطائف من فوره ذلك فحاصرهم بقية ذلك الشهر، فلمّا دخل ذو القعدة وهو شهر حرام لا يحلّ فيه القتال انصرف عنهم فأتى الجعرانة فأحرم فيه بعمرة، فقسم بها النبي المال وغنائم حنين وأوطاس وتألّف أُناساً، كأبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو والأقرع بن حابس فأعطاهم فجعل يعطي الرجل منهم الخمسين والمائة من الإبل، فقالت الأنصار : حنَّ الرجل وآثر قومه يا للعجب إنّ أسيافنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم، فبلغ ذلك رسول الله ( ﷺ ) وهو في قبة من أدم فجمعهم فقال لهم : يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني عنكم.
فقالوا : هو الذي بلغك، وكانوا لايكذبون، فقال : ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم أذلاء فأعزكم الله بي، وكنتم وكنتم، فقال سعيد بن عبد الله : أتأذن لي أتكلم، فقال : تكلم.


الصفحة التالية
Icon