" صفحة رقم ٣٥٤ "
الحجر :( ٩٢ ) فوربك لنسألنهم أجمعين
) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأ لَنَّهُمْ أجْمَعِينَ ( يوم القيامة
الحجر :( ٩٣ ) عما كانوا يعملون
) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( في الدنيا.
وروى أنس عن النبي ( ﷺ ) في هذه الآية قال :( عن لا إله إلاّ الله ).
قال عبد الله : والذي لا إله غيره مامنكم من أحد إلاّ سيخلو الله تعالى به يوم القيامة، ( كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ) فيقول : يابن آدم ماذا غرك مني، يابن آدم ما عملت فيما علمت، يابن آدم ماذا أجبت المرسلين.
واعترضت الملحدة بأبصار كليلة وأفهام عليلة على هذه الآية على قوله :) فَيَوْمَئِذ لا يُسْألُ عَنْ ذَ نْبِهِ إنسٌ وَلا جَانٌّ ( وحكموا عليهما بالتناقض.
والجواب عنه : ما روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله :) لَنَسْأ لَنَّهُمْ أجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون ( وقوله :) فَيَوْمَئِذ لا يُسْألُ عَنْ ذَ نْبِهِ إنسٌ وَلا جَانٌّ (. قال : لانسألهم هل عملتم كذا وكذا، لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول لهم : لِمَ عملتم كذا وكذا ؟
واعتمد قطرب هذا القول، وقال : السؤال على ضربين : سؤال استعلام واستخبار، وسؤال توبيخ وتقرير. فقوله :) فيومئذ لا يسأل عن ذنبه ( يعني استعلاماً واستخباراً، لأنه كان عالماً بهم قبل أن يخلقهم. وقوله :) لنسألنهم أجمعين ( يعني تقريعاً وتقريراً ليريهم القدرة في تعذيبنا إياهم.
وقال عكرمة : سألت مولاي عبد الله بن عبّاس عن الآيتين، فقال : إن يوم القيامة يوم طويل وفيه مواقف، يسألون في بعض المواقف ولا يسألون في بعضها. ونظيره قوله :) هذا يوم لاينطقون ( وقال في آية أخرى :) ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (.
وقال بعضهم :) فيومئذ لايسأل ( إذا كان المذنب مكرهاً مضطراً، و ) لنسألنّهم ( إذا كانوا مختارين، وقيل : لا يسأل إذا كان الذنب في حال الصبى أو الجنون أو النوم، بيانه قوله ( ﷺ ) ( رفع القلم عن ثلاث ) وقولهم : لنسألنهم، إذا كان عملهم خارجاً من هذه الأحوال، وقيل : لا يسأل إذا كان الذنب في حال الكفر