" صفحة رقم ٧٢ "
وكيف يأخذان وقال لهما رسول الله ( ﷺ ) ( مُرّا بثعلبة بن حاطب ورجل من بني سليم فخذا صدقاتهما ).
فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وقرءا له كتاب رسول الله ( ﷺ ) فقال : ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أُخت الجزية، انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إليّ، فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان ابله، فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بها فلمّا زادها قالا : ما هذا عليك، قال : خذاه فإن نفسي بذلك طيبة، فمرّا على الناس وأخذا الصدقات، ثم رجعا إلى ثعلبة فقال : أروني كتابكما فقرأه ثم قال : ما هذه إلا جزية، ما هذه الا أُخت الجزية، إذهبا حتى أرى رأيي، قال : فأقبلا فلمّا رآهما رسول الله ( ﷺ ) قبل أن يتكلّما قال :( ياويح ثعلبة، ياويح ثعلبة، ياويح ثعلبة ) ثم دعا للسلمي بخير فأخبراه بالذي صنع ثعلبة، فأنزل الله فيه ) ومنهم من عاهد الله لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ( إلى قوله ) وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ( وعند رسول الله ( ﷺ ) رجل من أقارب ثعلبة فسمع قوله فخرج حتى أتاه فقال : ويحك ياثعلبة قد أنزل الله عز وجل فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ( ﷺ ) فسأله أن يقبل منه الصدقة.
فقال :( إن الله تعالى منعني أن أقبل منك صدقتك ) فجعل يحثي على رأسه التراب، فقال له رسول الله ( ﷺ ) ( هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني ) فلما نهى أن يُقبض رسول الله ( ﷺ ) رجع إلى منزله وقُبض رسول الله ( ﷺ ) ولم يقبض ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى أبا بكر ( ح ) حين استخلف فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ( ﷺ ) موضعي من الأنصار فاقبل صدقتي، فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسول الله ( ﷺ ) وأنا أقبلها ؟ فلم يقبل، وقُبض أبو بكر فلم يقبلها، فلمّا ولي عمر ( ح ) أتاه فقال : يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي، فقال : لم يقبلها منك رسول الله ( ﷺ ) ولا أبو بكر، أنا لا أقبلها، فقُبض عمر ولم يقبلها، ثم ولي عثمان فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال : لم يقبلها منك رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر، أنا لا أقبلها منك، فلم يقبلها منه وهلك في خلافة عثمان.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة : أتى ثعلبة مجلساً من الأنصار فأشهدهم فقال : لئن آتاني الله من فضله أتيت منه كل ذي حق حقه، وتصدّقت منه، ووصلت القرابة، فمات ابن عم له فورثه مالاً فلم يوف بما قال، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.
وقال مقاتل : مرّ ثعلبة على الأنصار وهو محتاج، فقال : لئن آتاني الله من فضله لأصّدقن ولأكوننّ من الصالحين فآتاه الله من فضله وذلك أن مولى لعمر بن الخطاب قتل رجلاً من المنافقين خطأً فدفع النبي ( ﷺ ) ديته إلى ثعلبة، وكان قرابة المقتول فبخل ومنع حق الله فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon