" صفحة رقم ١٩٧ "
ويتراحمون، حالتهم واحدة وكلمتهم واحدة، وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة، وقلوبهم متآلفة، وسيرتهم مستوية، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليس على بيوتهم أبواب، وليس عليهم أُمراء، وليس بينهم قضاة، ولا بينهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف، ولا يختلفون ولا يتفاضلون، ولا يتنازعون، ولا يستبّون، ولا يقتلون، ولا يضحكون، ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات التي تصيب النّاس، وهم أطول الناس أعماراً، وليس فيهم مسكين ولا فقير، ولا فظ ولا غليظ. فلما رأى ذلك من أمرهم عجب وقال :( أخبروني أيّها القوم خبركم، فإنّي قد أحصيت الأرض كلّها ؛ برّها وبحرها، وشرقها وغربها، فلم أرَ أحداً مثلكم، فخبروني خبركم ). قالوا نعم : فسلنا عمّا تريد. قال :( خبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم ؟ ). قالوا : عمداً فعلنا ذلك، لئلا ننسى الموت، ولا يخرج ذكره من قلوبنا.
قال :( فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟ ). قالوا : ليس فينا متّهم، وليس فينا إلاّ أمين مؤتمن.