" صفحة رقم ٢٠ "
) إلى ما خلق الله من شيء ( يعني من جسم قائم له ظل ) يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عن اليمين والشمائل سجّداً لله (.
بالتاء أهل البصرة. الباقون بالياء، ومعنى قوله ) يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ( : يميل ويرجع من جانب إلى جانب فهي في أوّل النهار ثمّ تعود إلى حال أخرى في آخر النهار، فميلانها ودورانها من موضع إلى موضع سجودها، ومنه قيل للظل بالعشي : فيء، لأنه فاء من المغرب إلى المشرق، والفي : الرجوع، قال الله :) حتّى تفيء إلى أمر الله ( يقال : سجدت النخلة إذا حالت، وسجد البعير وأسجد إذا جعل للركوب، ومثله قال في هذه الآية على هذا التأويل.
قتادة والضحاك : أمّا اليمين فأول النهار وأمّا الشمال فآخر النهار، تسجد الضلال لله غدوة إلى أن تفيء الظلال ثمّ تسجد أيضاً إلى الليل.
وقال مجاهد : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله.
وقال عبد الله بن عمر : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله ( ﷺ ) ( أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلهن في صلاة السحر وليس من شيء إلاّ وهو يسبح لله تعالى تلك الساعة ) ثمّ قرأ ) يتفيّؤُا ( الآية.
الكلبي : الظل قبل طلوع الشمس عن يمينك وعن شمالك وقدامك وخلفك، ولذلك إذا غابت وإذا طلعت كان قدامك، فإذا إرتفعت كان عن يمينك وإذا كان بعد ذلك كان خلفك، فإذا كان قبل أن تغيب الشمس كان على يسارك فهذا تفيؤه أي تضلله هاهنا وهاهنا، وهو سجوده.
وأمّا الوجه في توحيد اليمين وجمع الشمال، فهو أنّ من شأن العرب إذا اجتمعت علامتان في شيء واحد أن يبقى واحدة ويلقى الأخرى، واكتفي بالملقي على الملقى بقوله :) ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ( كقوله :) يخرجهم من الظلمات إلى النور (.
وقال بعضهم : اليمين راجع إلى قوله :) ما خلق الله ( ولفظة من أحد، والشمائل راجعة إلى المعنى وقيل : هذا في الكلام كثير.
قال الشاعر :
بفي الشامتين الصخر إن كان هدني
رزية شبلي مخدر في الضراغم