" صفحة رقم ٣١٠ "
إلاّ وليس في القرآن سواه، والسبق تقدّم الشيء على غيره.
) لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ( السعادة والعدة الجميلة بالجنّة ) أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ( والإبعاد : تطويل المسافة. واختلفوا في هؤلاء من هم ؟ فقال أكثر المفسرين : عني بذلك كلّ من عُبد من دون الله وهو طائع ولعبادة من يعبده كاره، وذلك أنَّ رسول الله ( ﷺ ) دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيموحول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنماً فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحارث فكلّمة رسول الله ( ﷺ ) حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم ) إنّكُم وَما تَعْبُدونَ مِن دُونِ الله ( الآيات الثلاث، ثمَّ قام فأقبل عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي السهمي فرآهم يتهامسون قال : فيم خوضكم ؟ فأخبره الوليد بن المغيرة بما قال لهم رسول الله ( ﷺ ) فقال عبد الله : أما والله لو وجدته لخصمته، فدعوا رسول الله ( ﷺ ) فقال له ابن الزبعرى : أنت قلت : إنّكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ؟ قال : نعم، قال : قد خصمتك وربّ الكعبة، أليست اليهود تعبد عزيراً والنصارى تعبد المسيح وبنو مليح يعبدون الملائكة ؟.
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( نعم، بل هم يعبدون الشياطين، هي التي أمرتهم بذلك، فأنزل الله سبحانه ) إنَّ الذين سبقت لهم منّا الحسنى ( الآية يعني عزيراً وعيسى والملائكة ).
قال الحسن بن الفضل : إنما أراد بقوله ) إنّكُمْ وَمَا تَعْبُدُون مِنْ دوُن الله ( الأوثان دون غيرها لأنّه لو أراد الملائكة والنّاس لقال :( ومن تعبدون )، قلت : ولأنّ المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة وهم كانوا يعبدون الأصنام.
وقال بعضهم : هذه الآية عامّة في كلّ من سبقت له من الله السعادة.
قال محمّد بن حاطب : سمعت عليّاً كرّم الله وجهه يخطب، فقرأ هذه الآية ) إنَّ الذّيِنَ سَبَقَتْ ( فقال : عثمان ( ح ) منهم.
وقال الجنيد في هذه الآية : سبقت لهم من الله العناية في البداية، فظهرت الولاية في النهاية.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال : حدَّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي بحلب قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدَّثنا عبيد الله القواريري قال : حدَّثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني قال : حدَّثنا ليث عن ابن عمّ النعمان بن بشير وكان من سمّار علىّ قال : تلا علّي