" صفحة رقم ٢١٢ "
وعنه أيضاً قال : يعني مدّ بصرك ما بينك وبين الحيرة، وهو يومئذ في كندة.
وعن قتادة : هو أن يبعث رسولاً إلى منتهى طرفه فلا يرجع حتى يؤتى به.
فلمّا رآه يعني رأى سليمان ( عليه السلام ) العرش ) مستقرّاً عنده ( محمولاً إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف ) قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر ( نعمته ) أم أكفر ( ها فلا أشكرها ) ومَن شكر فإنما يشكر لنفسه ( لم ينفع بذلك غير نفسه حيث استوجب بشكره تمام النعمة ودَوامَها ؛ لأنَّ الشكر قيد للنعمة الموجودة وصيد للنعمة المفقودة.
) وَمَن كَفَرَ فإنَّ ربّي غنىّ كريم ( بالإفضال على من كفر نعمه.
النمل :( ٤١ ) قال نكروا لها.....
) قال نكِّروا ( غيّروا ) لها عرشها ( فزيدوا فيه وأنقصوا منه واجعلوا أعلاه أسفله وأسفله أعلاه ) ننظر أتهتدي ( إلى عرشها فتعرفه ) أم تكون من الجاهلين ( به الذين لا يهتدون إليه، وإنما حمل سليمان ( عليه السلام ) على ذلك، كما ذكره وهب ومحمد بن كعب وغيرهما من أهل الكتب : إنَّ الشياطين خافت أن يتزوجها سليمان فتفشي إليه أسرار الجن، ولا ينفكّون من تسخير سليمان وذرّيته من بعده، فأرادوا أن يزهِّدوه فيها فأساؤوا الثناء عليها وقالوا : إنَّ في عقلها شيئاً وإنّ رجلها كحافر الحمار، فأراد سليمان ( عليه السلام ) أن يختبر عقلها بتنكير عرشها، وينظر إلى قدميها ببناء الصرح،
النمل :( ٤٢ ) فلما جاءت قيل.....
فلمّا جاءت بلقيس ) قيل ( لها ) أهكذا عرشك قالت كأنّهُ هو ( شبّهتهُ به وكانت قد تركته خلفها في بيت خلف سبعة أبواب مغلقة والمفاتيح معها فلم تقرّ بذلك ولم تنكر، فعلم سليمان ( عليه السلام ) كمال عقلها.
قال الحسن بن الفضل : شبّهوا عليها فشَبّهت عليهم وأجابتهم على حسب سؤالهم، ولو قالوا لها : هذا عرشك لقالت : نعم
فقال سليمان ( عليه السلام ) ) وأُوتينا العلم ( بالله وبقدرته على ما شاء مِن قبل هذه المرأة ) وَكنّا مسلمين ( هذا قول مجاهد
وقال بعضهم : معناه وأُوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة وقبل مجيئها، وكنّا مسلمين طائعين خاضعين.
وقال بعضهم : هذا من قول بلقيس لمّا رأت عرشها عند سليمان ( عليه السلام ) قالت : عرفت هذه، وأُوتينا العلم بصحة نبوة سليمان ( عليه السلام ) بالآيات المتقدمة مِن قبل هذه الآية وذلك بما اختبرت من أمر الهديّة والرُسل، وكنّا مسلمين أي منقادين لك مطيعين لأمرك مِن قبل أن جئناك.
النمل :( ٤٣ ) وصدها ما كانت.....
) وصدَّها ( ومنعها ) ما كانت تعبد من دون الله ( وهو الشمس بأن تعبد الله، وعلى هذا القول يكون ) ما ( في محل الرفع.