" صفحة رقم ٢٤٩ "
ومعنى الآية إذا هالك أمر يدك وما ترى من شعاعها، فأدخلها في جيبك تعد إلى حالتها الأولى، وقال بعضهم : أمره الله سبحانه وتعالى أن يضم يده إلى صدره ليذهب الله عز وجل ما ناله من الخوف عند معاينة الحية، وقيل : معناه سكّنْ روعك واخفض عليك جأشك لأنّ من شأن الخائف أن يضطرب قلبه ويرتعد بدنه، وضم الجناح هو السكون، ومثله قوله سبحانه ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ( يريد الرفق، وقوله سبحانه :) واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ( أي ارفق بهم وألن جانبك لهم، وقال الفرّاء : أراد بالجناح عصاه.
وقال بعض أهل المعاني : الرهب، الكُم بلغة حمير وبني حنيفة، وحُكي عن الأصمعي أنّه سمع بعض الأعراب يقول لآخر : أعطني ما في رهبك، قال : فسألته عن الرهب ؟ فقال : الكُم، ومعناه على هذا التأويل : اضمم إليك يدك وأخرجها من الكُم ؛ لأنّه تناول العصا ويده في كُمّه.
) فذانك ( قراءة العامة بتخفيف ( النون )، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتشديد ( النون ) وهي لغة قريش، وفي وجهها أربعة أقوال : قيل : شدّد النون عوضاً من ( الألف ) الساقطة ولم يلتفت إلى التقاء الساكنين لأنّ أصله ) فذانك ( فحذفت الألف الأُولى لالتقاء الساكنين.
وقيل : التشديد للتأكيد كما أدخلوا اللام في ذلك. وقيل : شُدّدت فرقاً بينها وبين التي تسقط للإضافة ؛ لأنّ ذان لا تضاف. وقيل : للفرق بين تثنية الاسم المتمكن وبينها. قال أبو عبيد : وكان أبو عمرو يخص هذا الحرف بالتشديد دون كلّ تثنية في القرآن، وأحسبه فعل ذلك لقلة الحروف في الاسم، فقرأه بالتثقيل.
ومعنى الآية ) فذانك ( يعني العصا واليد البيضاء ) برهانان من ربّك إلى فرعون وملائه إنّهم كانوا قوماً فاسقين }
القصص :( ٣٣ - ٣٤ ) قال رب إني.....
) قال ربّ إنّي قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لساناً ( وأحسن بياناً، وإنّما قال ذلك للعقدة التي كانت في لسانه ) فأرْسله معي ردءاً ( معيناً، يقال : أردأته أي أعنته، وترك همزه عيسى بن عمر وأهل المدينة طلباً للخفّة ) يصدّقني ( قرأه العامة بالجزم، ورفعه عاصم وحمزة، وهو اختيار أبو عبيد، فمن جزمه فعلى جواب الدعاء، ومن رفعه فعلى الحال، أي ردءاً مصدقاً حاله التصديق كقوله سبحانه :) ربّنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون ( أي كائنة حال صرف إلى الاستقبال.
) إنّي أخاف أن يكذّبون }
القصص :( ٣٥ ) قال سنشد عضدك.....
) قال سنشد عضدك ( أن نقويك ونعينك ) بأخيك ( وكان هارون يومئذ بمصر ) ونجعل لكما سلطاناً ( قوة وحجة وبرهاناً ) فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون (.


الصفحة التالية
Icon