" صفحة رقم ٢٠٠ "
فردوها عليه فعرقبت وعقرت بالسيف ونحرها لله سبحانه، وبقى منها مائة فرس، فما في أيدي الناس اليوم من الخيل فهو من نسل تلك المائة.
قال الحسن : فلما عقر الخيل، أبدله الله سبحانه مكانها خيراً منها وأسرع ( من ) الريح التي تجري بأمره كيف يشاء، وكان يغدوا من إيليا فيقيل بقرير الأرض باصطخر ويروح من قرير ( بكابل ).
وقال ابن عبّاس : سألت علي بن أبي طالب عن هذه الآية فقال : ما بلغك في هذا يا ابن عبّاس ؟
فقلت له : سمعت كعب الأحبار يقول : إن سليمان اشتغل ذات يوم بعرض الأفراس والنظر اليها حتّى توارت الشمس بالحجاب.
ص :( ٣٢ - ٣٣ ) فقال إني أحببت.....
فقال لما فاتته الصلاة :) إنِّي أحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ ( يعني الأفراس وكانت أربعة وعشرون، وبقول : أربعة عشر، فردوها عليه فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، وأن الله سلبه ملكه أربعة عشر يوماً، لأنه ظلم الخيل بقتلها.
فقال علي بن أبي طالبح : كذب كعب الأحبار، لكن سليمان اشتغل بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد عدو حتّى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموطنين بالشمس : ردّوها عليَّ. يعني الشمس، فردوها عليه حتّى صلى العصر في وقتها.
فإن أنبياء الله لايظلمون ولايأمرون بالظلم ولايرضون بالظلم، لأنهم معصومون مطهّرون، فذلك قوله سبحانه :) إذ عرض عليه بالعشي الصافنات ( وهي الخيل القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل.
قال عمر بن كلثوم : تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا.
وقال القتيبي : الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل وغيرها.
قال النبي ( ﷺ ) ( من سرّه أن يقوم له الرجال صفونا فليتبؤا مقعده من النار ) أي وقوفاً ) الجياد ( الخيار السراع واحدها جواد ) فقال إني أحببت حب الخير ( يعني الخيل، والعرب تعاقب بين الراء واللام فيقول : انهملت العين وانهمرت، وختلت الرجل وخترته أي خدعته.