" صفحة رقم ١٠١ "
فقال : السائق يسوقها إلى الله سبحانه، والشاهد يشهد عليه بما عملت، وقال الضحّاك : السائق الملائكة، والشاهد من أنفسهم الأيدي، والأرجل. وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، وقال أبو هريرة : السائق الملك، والشهيد العمل، وقال الباقون : هما جميعاً من الملائكة، فيقول الله سبحانه لها :
ق :( ٢٢ ) لقد كنت في.....
) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ( ورفعنا عنك عماك، وخلّينا عنك سترك، حتّى عاينته. ) فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( قوي، نافذ، ثابت، ترى ما كان محجوباً عنك. وروى عبدالوهاب، عن مجاهد، عن أبيه ) فبصرك اليوم حديد ( قال : نظرك إليّ لبيان ميزانك حين توزن حسناتك، وسيّئاتك.
وقيل : أراد بالبصر العلم، علِمَ حين لم ينفعه العلم، وأبصر حين لم ينفعه البصر. وقرأ عاصم الجحدري ) لقد كنت ( بكسر ( التاء )، وبكسر ( الكاف )، رد الكتابة إلى النفس.
ق :( ٢٣ ) وقال قرينه هذا.....
) وَقَالَ قَرِينُهُ ( الملك الموكّل به ) هَذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ ( معد محفوظ محضر، قال مجاهد : هذا الذي وكّلني به من بني آدم، قد أحضرته، وأحضرت ديوان أعماله، فيقول الله سبحانه لقرينه :
ق :( ٢٤ ) ألقيا في جهنم.....
) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ( قال الخليل، والأخفش : هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين، وهو جيد حسن، فيقول : ويلك أرحلاها، وازجراها، وخذاه واطلقاه للواحد. قال الفراء : وأصل ذلك إذا دنا أعوان الرجل في إبله، وغنمه، وبقره، اثنان، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليلي ( ثم يقول : يا صاح ). قال امرؤ القيس :
خليلي مُرّا بي على أُمّ جندب
نقض لبانات الفؤاد المعذّب
وقال :
قِفا نبك عن ذكرى حبيب ومنزل
وقال : قفا نبك من ذكرى حبيب وعروان.
قال الآخر :
فقلت لصاحبي لا تعجلانا
بنزع أصوله واجتز شيحا
وأنشد أبو ثروان :
فإن تزجرني يابن عفان أنزجر
وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا
وقيل : يشبه أن يكون عني به تكرار القول فيه، فكأنّه يقول : إلق إلق، فناب ألقيا مناب التكرار، ويجوز أن تكون ألقيا تثنية على الحقيقة، ويكون الخطاب للمتلقيين معاً أو السائق والشاهد جميعاً، وقرأ الحسن ( ألقينْ ) بنون التأكيد الخفيفة، كقوله :) ليسجننّ وليكوناً من


الصفحة التالية
Icon