" صفحة رقم ٧٥ "
قال : فقام الأقرع بن حابس، فقال : إنّي والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وإنّي قد قلت شعراً، فاسمعه منّي، فقال : هات، فقال :
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا
إذا خالفونا عند ذكر المكارم
وإنّا رؤُس الناس من كلّ معشر
وأنّ ليس في أرض الحجاز كدارم
وإنّ لنا المرباع في كلّ غارة
تكون بنجد أو بأرض التهائم
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( قم يا حسّان فأجبه ). فقام حسّان، فقال :
بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم
يعود وبالاً عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتمُ
لنا خول من بين ظئر وخادم
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( لقد كنت غنياً يا أخا دارم أن يذكر منك ما قد ظننت أنّ الناس قد نسوه ).
قال : فكان قول رسول الله ( ﷺ ) أشدّ عليهم من قول حسّان. ثمّ رجع حسّان إلى شعره. فقال :
كأفضل ما نلتم من المجد والعلى
ردافتنا من بعد ذكر الأكارم
فإن كنتمُ جئتمْ لحقن دمائكم
وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله ندّاً وأسلموا
ولا تفخروا عند النبيّ ( ﷺ ) بدارم
وإلاّ وربّ البيت مالت أكفّنا
على هامكم بالمرهفات الصوارم
قال : فقام الأقرع بن حابس، فقال : إنّ محمّداً المولى، إنه والله ما أدري ما هذا الأمر، تكلّم خطيبنا، فكان خطيبهم أحسن قولاً، وتكلّم شاعرنا، فكان شاعرهم أشعر، وأحسن قولاً. ثمّ دنا من النبيّ ( ﷺ ) فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسوله.
فقال له النبيّ ( ﷺ ) ( ما يضرّك ما كان قبل هذا ). ثمّ أعطاهم رسول الله ( ﷺ ) وكساهم، وقد كان يخلف في ركابهم عمرو بن الأهتم، وكان قيس بن عاصم يبغضه لحداثة سنه، فأعطاه رسول الله مثل ما أعطى القوم، فأزرى به قيس، وقال فيه أبيات شعر وارتفعت الأصوات، وكثر اللغط عند رسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله تعالى :) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ( إلى قوله ) وَأَجْر عَظيم ( يعني جزاء وافراً، وهو الجنّة.
٢ ( ) إَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِم


الصفحة التالية
Icon