" صفحة رقم ٨١ "
يسخر قومٌ من قوم ( أي رجالٌ من رجال، والقوم اسم يجمع الرجال والنساء، وقد يختص بجمع الرجال، كقول زهير :
وما أدري وسوف إخال أدري
أقوم آل حصن أم نساء
) عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ( نزلت في امرأتين من أزواج النبيّ ( ﷺ ) سخرتا من أُمّ سلمة، وذلك أنّها ربطت خصريها بسبيبة وهي ثوب أبيض ومثلها السب وسدلت طرفيها خلفها. فكانت تجرها.
فقالت عائشة لحفصة : انظري ما تجرّ خلفها كأنّه لسان كلب. فهذا كان سخريتهما.
وقال أنس : نزلت في نساء رسول الله ( ﷺ ) عيّرن أُمّ سلمة بالقِصَر. ويقال : نزلت في عائشة، أشارت بيدها في أُمّ سلمة أنّها قصيرة، وروى عكرمة، عن ابن عبّاس أنّ صفية بنت حي بن أخطب أتت رسول الله ( ﷺ ) فقالت : إنّ النساء يعيّرني فيقلن : يا يهودية بنت يهوديين، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( هلاّ قلت : إنّ أبي هارون، وابن عمّي موسى، وإنّ زوجي محمّد )، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
) وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ( أي لا يعيب بعضكم بعضاً، ولا يطعن بعضكم على بعض. وقيل : اللمز العيب في المشهد، والهمز في المغيب، وقال محمّد بن يزيد : اللمز باللسان، والعين، والإشارة، والهمز لا يكون إلاّ باللسان، قال الشاعر :
إذا لقيتك عن شخط تكاشرني
وإن تغيبتُ كنت الهامز اللمزه
) وَلاَ تَنَابَزُوا بِالاْلْقَابِ ( قال أبو جبير بن الضحّاك : فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة، قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة، وما منّا رجل إلاّ له اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا الرجل الرجل باسم، قلنا : يا رسول الله، إنّه يغضب من هذا. فأنزل الله عزّ وجلّ :) ولا تنابزوا بالألقاب (.
قال قتادة، وعكرمة : هو قول الرجل للرجل : يا فاسق، يا منافق، يا كافر، وقال الحسن : كان اليهودي، والنصراني يُسلم، فيقال له بعد إسلامه : يا يهودي، يا نصراني، فنُهوا عن ذلك، وقال ابن عبّاس : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيّئات، ثمّ تاب منها، وراجع الحقّ، فنهى الله أن يعيّر بما سلف من عمله


الصفحة التالية
Icon