" صفحة رقم ٨٥ "
ميمون بعد ذلك لا يغتاب أحداً، ولا يدع أن يغتاب عنده أحد، وحُكي عن بعض الصالحين أنّه قال : كنت قاعداً في المقبرة الفلانية، فاجتازني شاب جلد، فقلت : هذا، وأمثاله، وبالٌ على الناس، فلمّا كانت تلك الليلة رأيت في المنام أنّه قُدِّم إليَّ جنازة عليها ميّت، وقيل ليّ كُلْ من لحم هذا، وكشف عن وجهه، فإذا ذلك الشاب، فقلت : أنا لم آكل من لحم الحيوان الحلال منذ سنين، فكيف آكل هذا ؟ فقيل : فلِمَ اغتبته إذاً ؟ فانتبهت حزيناً، فكنت آوي إلى تلك المقبرة سنة واحدة، فرأيت الرجل، فقمت إليه لأستحلّ منه، فنظر إليَّ من بعيد، فقال : تبت. قلت : نعم، قال : ارجع إلى مكانك.
وقد أخبرنا ابن منجويه، قال : حدّثنا عمر بن الخطّاب. قال : حدّثنا عبدالله بن الفضل. قال : أخبرنا علي بن محمّد. قال : حدّثنا يحيى بن آدم. قال : حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمر، لأبي هريرة، قال : جاء ماعر إلى النبي ( ﷺ ) فقال : إنّه زنى، فأعرض عنه، حتّى أقرّ أربع مرّات، فأمر برجمه، فمرّ النبيّ ( ﷺ ) على رجلين يذكران ماعراً، فقال أحدهما : هذا الذي ستر عليه، فلم تدعه نفسه حتّى رُجم برجم الكلب.
قال : فسكت عنهما حتّى مرّا معه على جيفة حمار شائل رجله، فقال ( ﷺ ) لهما :( انزلا فأصيبا منه ). فقالا : يا رسول الله غفر الله لك، وتؤكل هذه الجيفة ؟
قال :( ما أصبتما من لحم أخيكما آنفاً أعظم عليكما، أما إنّه الآن في أنهار الجنّة منغمس فيها ).
وأخبرني ابن منجويه، قال : حدّثنا ابن شيبة قال : حدّثنا الفريابي، قال : حدّثنا محمّد بن المصفى، قال : حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا عبد القدوس بن الحجّاج، قال : حدّثني صفوان بن عمرو، قال : حدّثنا راشد بن سعد، وعبد الرّحمن بن جبير، عن أنس بن مالك، عن رسول الله ( ﷺ ) قال :( لمّا عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس، ويقعون في أعراضهم ).
) وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ( أخبرني الحسين، قال : حدّثنا موسى بن محمّد بن علي، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال : حدّثنا يحيى بن أيّوب، قال : حدّثنا أسباط، عن أبي رجاء الخراساني، عن عبّاد بن كثير، عن الحريري، عن أبي نصرة، عن جابر بن عبدالله، وأبي سعيد الخُدري، قالا : قال رسول الله ( ﷺ ) ( الغيبة أشدّ من الزنا ). قيل : وكيف ؟ قال :( إنّ الرجل يزني، ثمّ يتوب، فيتوب الله عليه، وإنّ صاحب الغيبة لا يُغفر له حتّى يغفر له صاحبه )