- والثاني مذموم، وهو تجاوز الحق إلى الباطل، أو تجاوزه إلى الشبه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (الحق بين والباطل بين، وبين ذلك أمور مشتبهات، ومن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه) (الحديث يروى عن النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (الحلال بين الحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه). وهذه الرواية الصحيحة، والحديث أخرجه البخاري في الإيمان (انظر فتح الباري ١/١١٦) ؛ ومسلم في المساقاة رقم (١٥٩٩) )، ولأن البغي قد يكون محمودا ومذموما، قال تعالى: -ayah text-primary">﴿إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق﴾ [الشورى/٤٢]، فخص العقوبة ببغية بغير الحق.
وأبغيتك: أعنتك على طلبه، وبغى الجرح: تجاوز الحد فس فساده، وبغت المرأة بغاء: إذا فجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها. قال عز وجل: ﴿ولا تكرههوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا﴾ [النور/٣٣]، وبغت السماء: تجاوزت في المطر حد المحتاج إليهن وبغى: تكبر، وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له ويستعمل ذلك في أي أمر كان. قال تعالى: ﴿يبغون في الأرض بغير الحق﴾ [الشورى/٤٢]، وقال تعالى: ﴿إنما بغيكم على أنفسكم﴾ [يونس/٢٣]، ﴿ثم بغى عليه لينصرنه الله﴾ [الحج/٦٠]، ﴿إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم﴾ [القصص/٧٦]، وقال: ﴿بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي﴾ [الحجرات/٩]، فالبغي في أكثر المواضع مذموم، وقوله: ﴿غير باغ ولا عاد﴾ [البقرة/١٧٣]، أي: غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له.
قال الحسن: غير متناول للذة ولا متجاوز سد الجوعة (ومثله عن الشعبي والنخعي قالا: إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه. راجع الدر المنثور ١/٤٠٨).


الصفحة التالية
Icon