- ضرب يناقض ما بعده ما قبله، لكن ربما يقصد به لتصحيح الحكم الذي بعده وإبطال ما قبله، وربما يقصد تصحيح الذي قبله وإبطال الثاني، فما قصد به تصحيح الثاني وإبطال الأول قوله تعالى: -ayah text-primary">﴿إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين *** كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ [المطففين/١٣ - ١٤]، أي: ليس الأمر كما قالوا بل جهلوا، فنبه بقوله: -ayah text-primary">﴿ران على قلوبهم﴾ على جهلهم، وعلى هذا قوله في قصة إبراهيم -ayah text-primary">﴿قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرههم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون﴾ [الأنبياء/٦٢ - ٦٣].
ومما قصد به تصحيح الأول وإبطال الثاني قوله تعالى: ﴿فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن *** وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن *** كلا بل لا تكرمون اليتيم﴾ [الفجر/١٥ - ١٧].
أي: ليس إعطاؤهم المال من الإكرام ولا منعهم من الإهانة، لكن جهلوا ذلك لوضعهم المال في غير موضعه، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿ص والقرآن ذي الذكر *** بل الذين كفروا في عزة وشقاق﴾ [ص/١ - ٢]، فإنه دل بقوله: ﴿والقرآن ذي الذكر﴾ أن القرآن مقر للتذكر، وأن ليس امتناع الكفار من الإصغاء إليه أن ليس موضعا للذكر، بل لتعززههم ومشاقتهم، وعلى هذا: ﴿ق والقرآن المجيد *** بل عجبوا﴾ [ق/١ - ٢]، أي: ليس امتناعهم من الإيمان بالقرآن أن لا مجد للقرآن، ولكن لجهلهم؛ ونبه بقوله: ﴿بل عجبوا﴾ على جهلهم؛ لأن التعجب من الشيء يقتضي الجهل بسببه، وعلى هذا قوله عز وجل: ﴿ما غرك بربك الكريم *** الذي خلقك فسواك فعدلك *** في أي صورة ما شاء ركبك *** كلا بل تكذبون بالدين﴾ [الانفطار/٦ - ٩]، كأنه قيل: ليس ههنا ما يقتضي أن يغرهم به تعالى، ولكن تكذيبهم هو الذي حملهم على ما ارتكبوه.


الصفحة التالية
Icon