- أحدهما: أن يكون بذاته بليغا، وذلك بأن يجمع ثلاثة أوصاف: صوبا في موضوع لغته، وطبقا للمعنى المقصود به، وصدقا في نفسه (وفي هذا يقول مخلوف الميناوي:
بلاغة الكلام أن يطابقا *** - وهو فصيح - مقتضى الحال ثقا)، ومتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة.
- والثاني: أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له، وهو أن يقصد القائل أمرا فيورده على وجه حقيق أن يقبله المقول له، وقوله: ﴿وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا﴾ [النساء/٦٣]، يصح حمله على المعنيين، وقول من قال (هو الزجاج في معاني القرآن ٢/٧٠) : معناه قل لهم: إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم، وقول من قال: خوفهم بمكاره تنزل بهم، فإشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ، والبلغة: ما يتبلغ به من العيش.
بلى
- يقال: بلي الثوب بلى وبلاء، أي: خلق، ومنه قيل لمن سافر: بلو سفر وبلي سفر، أي: أبلاه السفر، وبلوته: اختبرته كأني أخلقته من كثرة اختباري له، وقرئ: ﴿هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت﴾ (وهي قراءة الجميع عدا حمزة والكسائي) [يونس/٣٠]، أي: تعرف حقيقة ما عملت، ولذلك قيل: بلوت فلانا: إذا اختبرته، وسمي الغم بلاء من حيث إنه يبلي الجسم، قال تعالى: ﴿وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾ [البقرة/٤٩]، ﴿ولنبلوكم بشيء من الخوف﴾ الآية [البقرة/١٥٥]، وقال عز وجل: ﴿إن هذا لهو البلاء المبين﴾ [الصافات/١٠٦]، وسمي التكليف بلاء من أوجه:
- أحدها: أن التكاليف كلها مشاق على الأبدان، فصارت من هذا الوجه بلاء.
- والثاني: أنها اختبارات، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم﴾ [محمد/٣١].
- والثالث: أن اختبار الله تعالى للعباد تارة بالمسار ليشكروا، وتارة بالمضار ليصبروا، فصارت المحنة والمنحة جميعا بلاء، فالمحنة مقتضية للصبر، والمنحة مقتضية للشكر.