ويقال: في أذنه ثقل: إذا لم يجد سمعه، كما يقال: في أذنه خفة: إذا جاد سمعه. كأنه يثقل عن قبول ما يلقى إليه، وقد يقال: ثقل القول إذا لم يطلب سماعه، ولذلك قال في صفة يوم القيامة: ﴿ثقلت في السموات والأرض﴾ [الأعراف/١٨٧]، وقوله تعالى: ﴿وأخرجت الأرض أثقالها﴾ [الزلزلة/٢]، قيل: كنوزها، وقيل: ما تضمنته من أجساد البشر عند الحشر والبعث، وقال تعالى: ﴿وتحمل أثقالكم إلى بلد﴾ [النحل/٧]، أي: أحمالكم الثقيلة، وقال عز وجل: ﴿وليحملن أثقالهم أثقالا مع أثقالهم﴾ [العنكبوت/١٣]، أي: آثامهم التي تثقلهم وتثبطهم عن الثواب، كقوله تعالى: ﴿ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون﴾ [النحل/٢٥]، وقوله عز وجل: ﴿انفروا خفافا وثقالا﴾ [التوبة/٤١]، قيل: شبانا وشيوخا (راجع في تفسير الآية الدر المنثور ٤/٢٠٨)، وقيل: فقراء وأغنياء، وقيل: غرباء ومستوطنين، وقيل: نشاطا وكسالى، وكل ذلك يدخل في عمومها، فإن القصد بالآية الحث على النفر على كل حال تصعب أو تسهل. والمثقال: ما يوزن به، وهو من الثقل، وذلك اسم لكل سنج قال تعالى: ﴿وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ [الأنبياء/٤٧]، وقال تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره *** ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ [الزلزلة/٧ - ٨]، وقوله تعالى: ﴿فأما من ثقلت موازينه *** فهو في عيشة راضية﴾ [القارعة/٦ - ٧]، فإشارة إلى كثرة الخيرات، وقوله تعالى: ﴿وأما من خفت موازينه﴾ [القارعة/٨]، فإشارة إلى قلة الخيرات.
والثقيل والخفيف يستعمل على وجهين:
أحدهما على سبيل المضايفة، وهو أن لا يقال لشيء ثقيل أو خفيف إلا باعتباره بغيره، ولهذا يصح للشيء الواحد أن يقال خفيف إذا اعتبرته بما هو أثقل منه، وثقيل إذا اعتبرته بما هو أخف منه، وعلى هذه الآية المتقدمة آنفا.


الصفحة التالية
Icon