وقوله تعالى: ﴿ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده﴾ [الأنعام/٢]، فالأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: البقاء في الآخرة، وقيل: الأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: مدة ما بين الموت إلى النشور، عن الحسن، وقيل: الأول للنوم، والثاني للموت، إشارة إلى قوله تعالى: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها﴾ [الزمر/٤٢]، عن ابن عباس (وقد نقل الفيروز آبادي هذا حرفيا، وانظر: بصائر ذوي التمييز ٢/١٠٩).
وقيل: الأجلان جميعا للموت، فمنهم من أجله بعارض كالسيف والحرق والغرق وكل شيء غير موافق، وغير ذلك من الأسباب المؤدية إلى قطع الحياة، ومنهم من يوقى ويعافى حتى يأتيه الموت حتف أنفه، وهذان هما المشار إليهما بقوله: (من أخطأه سهم الرزية لم يخطئه سهم المنية).
وقيل: للناس أجلان، منهم من يموت عبطة (أصل هذه المادة: عبطت الناقة عبطا: إذا ذبحتها من غير علة، ومات فلان عبطة، أي: صحيحا شابا. انتهى. انظر: العباب الزاخر (عبط) )، ومنهم من يبلغ حدا لم يجعله الله في طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليهما أشار بقوله تعالى: ﴿ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر﴾ [الحج/٥]، وقصدهما الشاعر بقوله:
*رأيت المنايا خبط عشواء من تصب*
*** تمته
(البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، وتمامه:
*ومن تخطئ يعمر فيهرم*
وهو في ديوانه ص ٨٦؛ وشرح القصائد للنحاس ١/١٢٥؛ وبصائر ذوي التمييز ٢/١٠٩)
وقول الآخر:
*من لم يمت عبطة يمت هرما*
(الشطر لأمية بن أبي الصلت، وتتمته:
*للموت كأس فالمرء ذائقها*
وهو في ديوانه ص ٢٤١؛ والعباب (عبط) ؛ واللسان (عبط) ؛ وغريب الحديث للخطابي ١/٤٤٦؛ وذيل أمالي القالي ص ١٣٤)