والثاني: ما يتوصل منه إلى غيره. وعلى هذا الوجه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) (الحديث صحيح، وقد أخرجه مسلم والترمذي عن ابن مسعود، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة، والحاكم عن ابن عمر، وابن عساكر عن جابر وابن عمر. انظر: الفتح الكبير ١/٣٣١، ورواية البيهقي عن ابن مسعود عن رسول الله ﷺ قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، فقال رجل: يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس) وكذا رواه البيهقي بهذه الرواية (انظر: الأسماء والصفات ص ٦٠) ؛ وصحيح مسلم كتاب الإيمان ١/٩٣ باب تحريم الكبر؛ والمستدرك ٤/١٨١ و ١/٢٦) تنبيها أنه منه تفيض الخيرات الكثيرة، فيحب من يختص لذلك.
وقال تعالى: ﴿ولكم فيها جمال حين تريحون﴾ [النحل/٦]، ويقال: جميل وجمال على التكثير. قال الله تعالى: ﴿فصبر جميل﴾ [يوسف/٨٣]، ﴿فاصبر صبرا جميلا﴾ [المعارج/٥]، وقد جاملت فلانا، وأجملت في كذا، وجمالك، أي: أجمل، واعتبر منه معنى الكثرة، فقيل لكل جماعة غير منفصلة: جملة، ومنه قيل للحساب الذي لم يفصل والكلام الذي لم يبين: مجمل، وقد أجملت الحساب، وأجملت في الكلام. قال تعالى: ﴿وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة﴾ [الفرقان/٣٢]، أي: مجتمعا لا كما أنزل نجوما مفترقة. وقول الفقهاء: المجمل: ما يحتاج إلى بيان، فليس بحد له ولا تفسير، وإنما هو ذكر بعض أحوال الناس معه؛ والشيء يجب أن تبين صفته في نفسه التي بها يتميز، وحقيقة المجمل: هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخصة.


الصفحة التالية
Icon