مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب رحمه الله:أسأل الله أن يجعل لنا من أنواره نورا يرينا الخير والشر بصورتيهما، ويعرفنا الحق والباطل بحقيقتيهما، حتى نكون ممن يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، ومن الموصوفين بقوله تعالى: ﴿هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين﴾ [الفتح/٤]، وبقوله: ﴿أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه﴾ [المجادلة/٢٢].
كنت قد ذكرت في (الرسالة المنبهة على فوائد القرآن) (لم نعثر عليها. وما بين القوسين نقله السيوطي عن الراغب في كتابه (معترك الأقران) ١/٢٢، والإتقان ٢/١٦٣) [أن الله تعالى كما جعل النبوة بنبوة نبينا مختتمة، وجعل شرائعهم بشريعته من وجه منتسخة، ومن وجه مكملة متممة كما قال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة/٣]، جعل كتابه المنزل عليه متضمنا لثمرة كتبه، التي أولاها أوائل الأمم، كما نبه عليه بقوله تعالى: ﴿يتلو صحفا مطهرة *** فيها كتب قيمة﴾ [البينة/٢ - ٣]، وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه - مع قلة الحجم - متضمن للمعنى الجم، وبحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه، كما نبه عليه بقوله تعالى: ﴿ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيزحكيم﴾ [لقمان/٢٧]. وأشرت في كتاب (الذريعة إلى مكارم الشريعة) أن القرآن - وإن كان لا يخلو الناظر فيه من نور ما يريه، ونفع ما يوليه - فإنه:
*كالبدر من حيث التفت رأيته**يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا*
*كالشمس في كبد السماء وضوءها**يغشى البلاد مشارقا ومغاربا*