وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله عز وجل: ﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة﴾ [لقمان/١٢]، ونبه على جملتها بما وصفه بها، فإذا قيل في الله تعالى: هو حكيم (راجع: الأسماء والصفات ص ٣٨)، فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال الله تعالى: ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾ [التين/٨]، وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة، نحو: ﴿آلر تلك آيات الكتاب الحكيم﴾ [يونس/١]، وعلى ذلك قال: ﴿ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر *** حكمة بالغة﴾ [القمر/٤ - ٥]، وقيل: معنى الحكيم المحكم (انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٧٣، نحو: ﴿أحكمت آياته﴾ [هود/١]، وكلاهما صحيح، فإنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعا، والحكم أعم من الحكمة، فكل حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فإن الحكم أن يقضي بشيء على شيء، فيقول: هو كذا أو ليس بكذا، قال صلى الله عليه وسلم: (إن من الشعر لحكمة) (الحديث أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يجوز من الشعر والأدب ١٠/٤٤٥؛ وأبو داود، وروايته: (إن من الشعر لحكما). انظر: معالم السنن ٤/١٣٦؛ ومجمع الفوائد ٢/٢٦٠؛ وشرح السنة ١٢/٣٦٩) أي: قضية صادقة (هذا اصطلاح أهل المنطق، والقضية مرادقة للخبر، وتعريفها: مركب احتمل الصدق والكذب لذاته.
قال الأخضري في السلم:
*ما احتمل الصدق لذاته جرى**بينهم قضية وخبرا*
راجع: شرح السلم ص ٩)، وذلك نحو قول لبيد:
*إن تقوى ربنا خير نفل*
*** (وعجزه: وبإذن الله ريثي وعجل
انظر: ديوانه ص ١٣٩)


الصفحة التالية
Icon