والأمر: التقدم باشيء سواء كان ذلك بقولهم: افعل وليفعل، أو كان ذلك بلفظ خبر نحو: ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن﴾ [البقرة/٢٢٨]، أو كان بإشارة أو غير ذلك، ألا ترى أنه قد سمى ما رأى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال: ﴿إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر﴾ [الصافات/١٠٢] فسمى ما رآه في المنام من تعاطي الذبح أمرا (قال قتادة: رؤيا الأنبياء عليهم السلام حق، إذا رأوا شيئا فعلوه. انظر: الدر المنثور ٧/١٠٥)
وقوله تعالى: ﴿وما أمر فرعون برشيد﴾ [هود/٩٧] فعام في أقواله وأفعاله، وقوله: ﴿أتى أمر الله﴾ [النحل/١] إشارة إلى القيامة، فذكره بأعم الألفاظ، وقوله: ﴿بل سولت لكم أنفسكم أمرا﴾ [يوسف/١٨] أي: ما تأمر النفس الأمارة بالسوء.
وقيل: أمر القوم: كثروا، وذلك لأن القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لابد لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر:
*- لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *
(الشطر للأفوه الأودي، وتتمته:
*ولا سراة إذا جهالهم سادوا*
وهو في الحماسة البصرية ٢/٦٩؛ وأمالي القالي ٢/٢٢٨؛ والاختيارين ص ٧٧. وديوانه ص ١٠)
وقوله تعالى: ﴿أمرنا مترفيها﴾ [الإسراء/١٦] أي: أمرناهم بالطاعة، وقيل: معناه: كثرناهم.
وقال أبو عمرو: لا يقال: أمرت بالتخفيف في معنى كثرت، وإنما يقال: أمرت وآمرت.
وقال أبو عبيدة: قد يقال: أمرت (راجع: مجاز القرآن ١/٣٧٣؛ والغريبين ١/٨٥؛ وتفسير القرطبي ١٠/٢٣٣) بالتخفيف نحو: (خير المال مهرة مأمور وسكة مأبورة) (الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٣/٤٦٨، وفيه: (خير مال المرء له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة). ورجال إسناده ثقات، واختلف في صحبة سويد، قال ابن حبان: يروي المراسيل لكن جاء في رواية: سمعت رسول الله يقول، ففيها إثبات السماع: انظر: الإصابة ٢/١٠١؛ ومجمع الزوائد ٥/٢٦١.
المأمورة: الكثيرة، والسكة: الطريقة من النخل، المأبورة: الملقحة) وفعله: أمرت.


الصفحة التالية
Icon