وقال شمر: وما قال غير أبي عبيدة في قوله: ﴿وأسروا الندامة﴾ أي: أظهروها. قال: ولم أسمع ذلك لغيره.
قال الأزهري: وأهل اللغة أنكروا قول أبي عبيدة أشد الإنكار. انظر: اللسان (سرر) ؛ ومجاز القرآن ٢/٣٤؛ وأضداد ابن الأنباري ص ٤٥؛ وعمدة الحفاظ: سر؛ والمجمل ٢/٤٥٨)، وهذا صحيح؛ فإن الإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضي إليه بالسر، وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضي من وجه الإظهار، ومن وجه الإخفاء، وعلى هذا قوله: ﴿وأسررت لهم إسرارا﴾ [نوح/٩]. وكني عن النكاح بالسر من حيث إنه يخفى، واستعير للخالص، فقيل: هو من سر قومه (راجع: اللسان (سرر) )، ومنه: سر الوادي وسرارته، وسرة البطن: ما يبقى بعد القطع، وذلك لاستتارها بعكن البطن، والسر والسرر يقال لما يقطع منها. وأسرة الراحة، وأسارير الجبهة، لغضونها، والسرار، اليوم الذي يستتر فيه القمر آخر الشهر. والسرور: ما ينكتم من الفرح، قال تعالى: ﴿ولقاهم نضرة وسرورا﴾ [الإنسان/١١]، وقال: ﴿تسر الناظرين﴾ [البقرة/٦٩]، وقوله تعالى في أهل الجنة: ﴿وينقلب إلى أهله مسرورا﴾ [الانشقاق/٩]، وقوله في أهل النار: ﴿إنه كان في أهله مسرورا﴾ [الانشقاق/١٣]، تنبيه على أن سرور الآخرة يضاد سرور الدنيا، والسرير: الذي يجلس عليه من السرور، إذ كان ذلك لأولي النعمة، وجمعه أسرة، وسرر، قال تعالى: ﴿متكئين على سرر مصفوفة﴾ [الطور/٢٠]، ﴿فيها سرر مرفوعة﴾ [الغاشية/١٣]، ﴿ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون﴾ [الزخرف/٣٤]، وسرير الميت تشبيها به في الصورة، وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه إلى جوار الله تعالى، وخلاصه من سجنه الماشر إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن) (الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر). أخرجه مسلم في كتاب الزهد برقم (٢٩٥٦) ؛ وأحمد في المسند ٢/٣٢٣؛ وابن ماجه (٤١١٣).