ويقال: شاهد وشهيد وشهداء، قال تعالى: ﴿ولا يأب الشهداء﴾ [البقرة/٢٨٢]، قال: ﴿واستشهدوا شهيدين﴾ [البقرة/٢٨٢]، ويقال: شهدت كذا، أي: حضرته، وشهدت على كذا، قال: ﴿شهد عليهم سمعهم﴾ [فصلت/٢٠]، وقد يعبر بالشهادة عن الحكم نحو: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾ [يوسف/٢٦]، وعن الإقرار نحو: ﴿ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله﴾ [النور/ ٦]، أن كان ذلك شهادة لنفسه. وقوله: ﴿وما شهدنا إلا بما علمنا﴾ [يوسف/ ٨١] أي: ما أخبرنا، وقال تعالى: ﴿شاهدين على أنفسهم بالكفر﴾ [التوبة/١٧]، أي: مقرين. ﴿لم شهدتم علينا﴾ [فصلت/٢١]، وقوله: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم﴾ [آل عمران/١٨]، فشهادة الله تعالى بوحدانيته هي إيجاد ما يدل على وحدانيته في العالم، وفي نفوسنا كما قال الشاعر:
*ففي كل شيء له آية ** تدل على أنه واحد*
(البيت لأبي العتاهية، وهو في ديوانه ص ٦٢؛ والزهرة ٢/٥٠٢؛ وهو في البصائر ٣/٣٥٢؛ ونظم الدرر ٤/٢٨٩، دون نسبة)
قال بعض الحكماء: إن الله تعالى لما شهد لنفسه كان شهادته أن أنطق كل شيء كما نطق بالشهادة له، وشهادة الملائكة بذلك هو إظهارهم أفعالا يؤمرون بها، وهي المدلول عليها بقوله: ﴿فالمدبرات أمرا﴾ [النازعات/٥]، وشهادة أولي العلم: اطلاعهم على تلك الحكم وإقرارهم بذلك (قال ابن القيم: وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
الثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة الملائكة.
الرابع: أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم، فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول.


الصفحة التالية
Icon