والاستغفار، كما هي من الناس (قال السخاوي: نقل الترمذي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، وقيل: صلاة الملائكة الدعاء. انظر: القول البديع ص ١٠.
- ورد هذا القول ابن القيم في جلاء الأفهام ص ٨١). قال تعالى: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾ [الأحزاب/٥٦]، والصلاة التي هي العبادة المخصوصة، أصلها: الدعاء، وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمنه، والصلاة من العبادات التي لم تنفك شريعة منها، وإن اختلف صورها بحسب شرع فشرع.
ولذلك قال: ﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾ [النساء/١٠٣]، وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلى (صلاء النار: حرها)، قال: ومعنى صلى الرجل، أي: أنه ذاد وأزال عن نفسه بهذه العبادة الصلى الذي هو نار الله الموقدة.
وبناء صلى كبناء مرض لإزالة المرض، ويسمى موضع العبادة الصلاة، ولذلك سميت الكنائس صلوات، كقوله: ﴿لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد﴾ [الحج/ ٤٠]، وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الإقامة، نحو: ﴿والمقيمين الصلاة﴾ [النساء/١٦٢]، ﴿وأقيموا الصلاة﴾ [البقرة/ ٤٣]، ﴿وأقاموا الصلاة﴾ [البقرة/٢٧٧]، ولم يقل: المصلين إلا في المنافقين، نحو قوله: ﴿فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ [الماعون/٤ - ٥]، ﴿ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى﴾ [التوبة/٥٤]، وإنما خص لفظ الإقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفيه حقوقها وشرائطها، لا الإتيان بهيئتها فقط، ولهذا روي (أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل) (ومثله قول عمر رضي الله عنه: الموسم كثير، والحج قليل، وذكره المؤلف في مقدمة تفسيره ص ١٥٧)، وقوله تعالى: ﴿لم نك من المصلين﴾ [المدثر/٤٣]، أي: من أتباع النبيين، وقوله: ﴿فلا صدق ولا صلى﴾ [القيامة/٣١]، تنبيها أنه لم يكن ممن يصلي، أي يأتي بهيئتها فضلا عمن يقيمها.