وخص في القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر، نحو: ﴿الذي خلق من الماء بشرا﴾ [الفرقان/٥٤]، وقال عز وجل: ﴿إني خالق بشرا من طين﴾ [ص/٧١]، ولما أراد الكفار الغض من الأنبياء اعتبروا ذلك فقالوا: ﴿إن هذا إلا قول البشر﴾ [المدثر/٢٥]، وقال تعالى: ﴿أبشرا منا واحدا نتبعه﴾ [القمر/٢٤]، ﴿ما أنتم إلا بشر مثلنا﴾ [يس/١٥]، ﴿أنؤمن لبشرين مثلنا﴾ [المؤمنون/٤٧]، ﴿قالوا أبشر يهدونا﴾ [التغابن/٦]، وعلى هذا قال: ﴿إنما بشر مثلكم﴾ [الكهف/١١٠]، تنبيها أن الناس يتساوون في البشرية، وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والأعمال الجميلة، ولذلك قال بعده: ﴿يوحي إلى﴾ [الكهف/١١٠]، تنبيها أني بذلك تميزت عنكم. وقال تعالى: ﴿لم يمسسني بشر﴾ [مريم/٢٠] فخص لفظ البشر، وقوله: ﴿فتمثل لها بشرا سويا﴾ [مريم/١٧] فعبارة عن الملائكة، ونبه انه تشبح لها وتراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى: ﴿ما هذا بشرا﴾ [يوسف/٣١] فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره البشر.
وبشرت الأديم: أصبت بشرته، نحو: أنفته ورجلته، ومنه: بشر الجراد الأرض إذا أكلته، والمباشرة: الإفضاء بالبشرتين، وكني بها عن الجماع في قوله: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾ [البقرة/١٨٧]، وقال تعالى: ﴿فالآن باشروهن﴾ [البقرة/١٨٧].
وفلان مؤدم مبشر (قال ابن منظور: وفي الصحاح: فلان مؤدم مبشر: إذا كان كاملا من الرجال)، أصله من قولهم: أبشره الله وآدمه، أي: جعل له بشرة وأدمة محمودة، ثم عبر بذلك عن الكامل الذي يجمع بين الفضيلتين الظاهرة والباطنة.


الصفحة التالية
Icon