والله يعطي الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. انظر: الكشف عن وجوه القراءات ١/٣٠٠)، ولهذا قرأ أكثرهم: ﴿يضاعف لها العذاب ضعفين﴾ [الأحزاب/٣٠]، ﴿وإن تك حسنة يضاعفها﴾ [النساء/٤٠]، وقال: ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾ [الأنعام/١٦٠]، والمضاعفة على قضية هذا القول تقتضي أن يكون عشر أمثالها، وقيل: ضعفته بالتخفيف ضعفا، فهو مضعوف، فالضعف مصدر، والضعف اسم، كالثنى والثنى (انظر: البصائر ٣/٤٧٨)، فضعف الشيء هو الذي يثنيه، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله، نحو أن يقال: ضعف العشرة، وضعف المائة، فذلك عشرون ومائتان بلا خلاف، وعلى هذا قول الشاعر:
*جزيتك ضعف الود لما اشتكيته*
*وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي*
(البيت لأبي ذويب الهذلي في ديوان الهذليين ١/٣٥) ؛ واللسان (ضعف) ؛ والبصائر ٣/٤٧٨)
وإذا قيل: أعطه ضعفي واحد، فإن ذلك اقتضى الواحد ومثليه، وذلك ثلاثة؛ لأن معناه الواحد واللذان يزاوجانه وذلك ثلاثة، هذا إذا كان الضعف مضافا، فأما إذا لم يكن مضافا فقلت: الضعفين فإن ذلك يجري مجرى الزوجين في أن كل واحد منهما يزاوج الآخر، فيقتضي ذلك اثنين، لأن كل واحد منهما يضاعف الآخر، فلا يخرجان عن الاثنين بخلاف ما إذا أضيف الضعفان إلى واحد فيثلثهما، نحو ضعفي الواحد، وقوله: ﴿فأولئك لهم جزاء الضعف﴾ [سبأ/٣٧]، وقوله: ﴿لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة﴾ [آل عمران/ ١٣٠]، فقد قيل: أتى باللفظين على التأكيد، وقيل: بل المضاعفة من الضعف لا من الضعف، والمعنى: ما يعدونه ضعفا فهو ضعف، أي: نقص، كقوله: ﴿وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله﴾ [الروم/ ٣٩]، وكقوله: ﴿يمحق الله الربا ويربي الصدقات﴾ [البقرة/٢٧٦]، وهذا المعنى أخذه الشاعر فقال:
*- زيادة شيب وهي نقص زيادتي*
(شطر بيت للمتنبي، وعجزه: [وقوة عشق وهي من قوتي ضعف]. التبيان شرح الديوان ٢/٢٨٣)


الصفحة التالية
Icon