والثاني من إضلال الله: هو أن الله تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا، محمودا كان أو مذموما، ألفه واستطابه ولزمه، وتعذر صرفه وانصرافه عنه، ويصير ذلك كالطبع الذي يأبى على الناقل، ولذلك قيل: العادة طبع ثان (انظر: بسط المقال في ذلك في كتاب (الذريعة) للمؤلف ص ٣٨ - ٣٩). وهذه القوة في الإنسان فعل إلهي، وإذا كان كذلك - وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شيء يكون سببا في وقوع فعل - صح نسبة ذلك الفعل إليه، فصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه، فيقال: أضله الله لا على الوجه الذي يتصوره الجهلة، ولما قلناه جعل الإضلال المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلال المؤمن فقال: ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم﴾ [التوبة/١١٥]، ﴿فلن يضل أعمالهم * سيهديهم﴾ [محمد/٤ - ٥]، وقال في الكافر والفاسق: ﴿فتعسا لهم وأضل أعمالهم﴾ [محمد/٨]، ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾ [البقرة/ ٢٦]، ﴿كذلك يضل الله الكافرين﴾ [غافر/٧٤]، ﴿ويضل الله الظالمين﴾ [إبراهيم/٢٧]، وعلى هذا النحو تقليب الأفئدة في قوله: ﴿ونقلب افئدتهم﴾ [الأنعام/١١٠]، والختم على القلب في قوله: ﴿ختم الله على قلوبهم﴾ [البقرة/ ٧]، وزيادة المرض في قوله: ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا﴾ [البقرة/ ١٠].
ضم
- الضم: الجمع بين الشيئين فصاعدا. قال تعالى: ﴿واضمم يدك إلى جناحك﴾ [طه/٢٢]، ﴿واضمم إليك جناحك﴾ [القصص/٣٢]، والإضمامة: جماعة من الناس أو من الكتب أو الريحان أو نحو ذلك (في اللسان: الأضاميم: الحجارة، واحدتها: إضمامة، وقد يشبه بها الجماعات المختلفة من الناس)، وأسد ضمضم وضماضم: يضم الشيء إلى نفسه. وقيل: بل هو المجتمع الخلق، وفرس سباق الأضاميم: إذا سبق جماعة من الأفراس دفعة واحدة.
ضمر


الصفحة التالية
Icon