الرابع: في الكبر والصغر: ﴿مثلا ما بعوضة فما فوقها﴾ [البقرة/٢٦]. قيل: أشار بقوله: ﴿فما فوقها﴾ إلى العنكبوت المذكور في الآية، وقيل: معناه ما فوقها في الصغر، ومن قال: أراد ما دونها فإنما قصد هذا المعنى، وتصور بعض أهل اللغة أنه يعني أن فوق يستعمل بمعنى دون فأخرج ذلك في جملة ما صنفه من الأضداد (يريد بذلك ابن الأنباري، فقد ذكر أن فوق من الأضداد. انظر: كتاب الأضداد ص ٢٥٠)، وهذا توهم منه.
الخامس: باعتبار الفضيلة الدنيوية. نحو: ﴿ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات﴾ [الزخرف/٣٢]، أو الأخروية: ﴿والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة﴾ [البقرة/٢١٢]، ﴿فوق الذين كفروا﴾ [آل عمران/٥٥].
السادس: باعتبار القهر والغلبة. نحو قوله: ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾ [الأنعام/ ١٨]، وقوله عن فرعون: ﴿وإنا فوقهم قاهرون﴾ [الأعراف/١٢٧]، ومن فوق، قيل: فاق فلان غيره يفوق: إذا علاه، وذلك من (فوق) المستعمل في الفضيلة، ومن فوق يشتق فوق السهم، وسهم أفوق: انكسر فوقه، والإفاقة: رجوع الفهم إلى الإنسان بعد السكر، أو الجنون، والقوة بعد المرض، والإفاقة في الحلب: رجوع الدر، وكل درة بعد الرجوع يقال لها: فيقة، والفواق: ما بين الحلبتين. وقوله: ﴿ما لها من فواق﴾ [ص/١٥]، أي: من راحة ترجع إليها، وقيل: ما لها من رجوع إلى الدنيا. قال أبو عبيدة (انظر: مجاز القرآن ٢/١٧٩) :(من قرأ: ﴿من فواق﴾ (قرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الفاء، وهي لغة تميم وأسد وقيس. انظر: الإتحاف ٣٧٢) بالضم فهو من فواق الناقة. أي: ما بين الحلبتين، وقيل: هما واحد نحو: جمام وجمام) (يقال: جمام المكوك دقيقا بالكسر والضم. انظر: اللسان (جم) ). وقيل: استفق ناقتك، أي: اتركها حتى يفوق لبنها، وفوق فصيلك، أي: اسقه ساعة بعد ساعة، وظل يتفوق المخض، قال الشاعر:
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت
(هذا شطر بيت للأعشى، وعجزه:
*وهو من قصيدة يمدح بها هوذة بن علي الحنفي، ومطلعها: *


الصفحة التالية
Icon