ومنها ما جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءه بالقوة، وقدره على وجه لا يتأتى منه غير ما قدره فيه، كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون، وتقدير مني الإنسان أن يكون منه الإنسان دون سائر الحيوانات.
فتقدير الله على وجهين:
أحدهما بالحكم منه أن يكون كذا أو لا يكون كذا؛ إما على سبيل الوجوب؛ وإما على سبيل الإمكان. وعلى ذلك قوله: ﴿قد جعل الله لكل شيء قدرا﴾ [الطلاق/٣].
والثاني: بإعطاء القدرة عليه. وقوله: ﴿فقدرنا فنعم القادرون﴾ [المرسلات/ ٢٣]، تنبيها أن كل ما يحكم به فهو محمود في حكمه، أو يكون من قوله: ﴿قد جعل الله لكل شيء قدرا﴾ [الطلاق/٣]، وقرئ: ﴿فقدرنا﴾ (قرأ بالتشديد نافع والكسائي وأبو جعفر. انظر: الإتحاف ص ٤٣٠) بالتشديد، وذلك منه، أو من إعطاء القدرة، وقوله: ﴿نحن قدرنا بينكم الموت﴾ [الواقعة/٦٠]، فإنه تنبيه أن ذلك حكمة من حيث إنه هو المقدر، وتنبيه أن ذلك ليس كما زعم المجوس أن الله يخلق وإبليس يقتل، وقوله: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ [القدر/ ١]، إلى آخرها.


الصفحة التالية
Icon