أي: ليلة قيضها لأمور مخصوصة. وقوله: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ [القمر/٤٩]، وقوله: ﴿والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه﴾ [المزمل/٢٠]، إشارة إلى ما أجري من تكوير الليل على النهار، وتكوير النهار على الليل، وأن ليس أحد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما في وقت معلوم، وقوله: ﴿من نطفة خلقه فقدره﴾ [عبس/١٩]، فإشارة إلى ما أوجده فيه بالقوة، فيظهر حالا فحالا إلى الوجود بالصورة، وقوله: ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾ [الأحزاب/٣٨]، فقدر إشارة إلى ما سبق به القضاء، والكتابة في اللوح المحفوظ والمشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام: (فرغ ربكم من الخلق والخلق والأجل والرزق) (الحديث تقدم في مادة (خزن) ؛ وأخرجه ابن حبان في روضة العقلاء ص ١٤٩ من كلام ابن مسعود)، والمقدور إشارة إلى ما يحدث عنه حالا فحالا مما قدر، وهو المشار إليه بقوله: ﴿كل يوم هو في شأن﴾ [الرحمن/٢٩]، وعلى ذلك قوله: ﴿وما ننزله إلا بقدر معلوم﴾ [الحجر/٢١]، قال أبو الحسن: خذه بقدر كذا وبقدر كذا، وفلان يخاصم بقدر وقدر، وقوله: ﴿على الموسع قدره وعلى المقتر قدره﴾ [البقرة/٢٣٦]، أي: ما يليق بحاله مقدرا عليه، وقوله: ﴿والذي قدر فهدى﴾ [الأعلى/٣]، أي: أعطى كل شيء ما فيه مصلحته، وهداه لما فيه خلاصة؛ إما بالتسخير؛ وإما بالتعليم كما قال: ﴿أعطى كل شيء خلقه ثم هدى﴾ [طه/٥٠]، والتقدير من الإنسان على وجهين: أحدهما: التفكر في الأمر بحسب نظر العقل، وبناء الأمر عليه، وذلك محمود، والثاني: أن يكون بحسب التمني والشهوة، وذلك مذموم كقوله: ﴿فكر وقدر * فقتل كيف قدر﴾ [المدثر/١٨ - ١٩]، وتستعار القدرة والمقدور للحال، والسعة في المال، والقدر: وقت الشيء المقدر له، والمكان المقدر له، قال: ﴿إلى قدر معلوم﴾ [المرسلات/٢٢]، وقال: ﴿فسالت أودية بقدرها﴾ [الرعد/١٧]، أي: بقدر المكان المقدر لأن يسعها، وقرئ: (بقدرها) (وهي قراءة شاذة، قرأ بها الحسن والأشهب العقيلي.


الصفحة التالية
Icon