ومن هذا النحو يقال: ورثه كابرا عن كابر، أي: أبا كبير القدر عن أب مثله. والكبيرة متعارفة في كل ذنب تعظم عقوبته، والجمع: الكبائر. قال: ﴿الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم﴾ [النجم/٣٢]، وقال: ﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه﴾ [النساء/٣١] قيل: أريد به الشرك لقوله: ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ [لقمان/١٣].
وقيل: هي الشرك وسائر المعاصي الموبقة، كالزنا وقتل النفس المحرمة، ولذلك قال: ﴿إن قتلهم كان خطأ كبيرا﴾ [الإسراء/٣١]، وقال: ﴿قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما﴾ [البقرة/٢١٩]. وتستعمل الكبيرة فيما يشق ويصعب نحو: ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ [البقرة/٤٥]، وقال: ﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾ [الشورى/١٣]، وقال: ﴿وإن كان كبر عليك إعراضهم﴾ [الأنعام/٣٥]، وقوله: ﴿كبرت كلمة﴾ [الكهف/٥] ففيه تنبيه على عظم ذلك من بين الذنوب وعظم عقوبته. ولذلك قال: ﴿كبر مقتا عند الله﴾ [الصف/٣]، وقوله: ﴿والذي تولى كبره﴾ [النور/١١] إشارة إلى من أوقع حديث الإفك. وتنبيها أن كل من سن سنة قبيحة يصير مقتدى به فذنبه أكبر. وقوله: ﴿إلا كبر ما هم ببالغيه﴾ [غافر/٥٦]، أي: تكبر. وقيلك أمر كبير من السن، كقوله: ﴿والذي تولى كبره﴾ [النور/١١]، والكبر والتكبر والاستكبار تتقارب، فالكبر الحالة التي يتخصص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وذلك أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره. وأعظم التكبر التكبر على الله بالامتناع من قبول الحق والإذعان له بالعبادة. والاستكبار يقال على وجهين:
أحدهما: أن يتحرى الإنسان ويطلب أن يصير كبيرا، وذلك متى كان على ما يجب، وفي المكان الذي يجب، وفي الوقت الذي يجب فمحمود.


الصفحة التالية
Icon