والثاني: أن يكون متكلفا لذلك متشبعا، وذلك في وصف عامة الناس نحو قوله: ﴿فبئس مثوى المتكبرين﴾ [الزمر/٧٢]، وقوله: ﴿كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار﴾ [غافر/٣٥] ومن وصف بالتكبر على الوجه الأول فمحمود، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم، ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الإنسان بذلك ولا يكون، مذموما، وقوله: ﴿سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق﴾ [الأعراف/١٤٦] فجعل متكبرين بغير الحق، وقال: ﴿على كل قلب متكبر جبار﴾ [غافر/٣٥] بأضافة القلب إلى المتكبر. ومن قرأ: بالتنوين (قرأ: ﴿على كل قلب متكبر جبار﴾ بالتنوين أبو عمرو وابن عامر بخلفه. انظر: الإتحاف ص ٣٧٨) جعل المتكبر. صفة للقلب، والكبرياء: الترفع عن الانقياد، وذلك لا يستحقه غير الله، فقال: ﴿وله الكبرياء في السموات والأرض﴾ [الجاثية/٣٧] ولما قلنا روي عنه ﷺ يقول عن الله تعالى: (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قصمته) (الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما أدخلته النار) أخرجه مسلم في البر والصلة برقم (٢٦٢٠) ؛ والبيهقي في الأسماء والصفات ص ١٧٣)، وقال تعالى: ﴿قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ [يونس/٨٧]، وأكبرت الشيء: رأيته كبيرا. قال تعالى: ﴿فلما رأينه أكبرنه﴾ [يوسف/٣١]. والتكبير يقال لذلك، ولتعظيم الله تعالى بقولهم: الله أكبر، ولعبادته واستشعار تعظيمه، وعلى ذلك: ﴿ولتكبروا الله على ما هداكم﴾ [البقرة/١٨٥]، ﴿وكبره تكبيرا﴾ [الإسراء/١١١]، وقوله: ﴿لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ [غافر/٥٧] فهي إشارة إلى ما خصهما الله تعالى به من عجائب صنعه، وحكمته التي لا يعلمها إلا قليل ممن وصفهم بقوله: ﴿ويتفكرون في خلق السموات والأرض﴾ [آل عمران/١٩١]


الصفحة التالية
Icon