ويعبر عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفرض والعزم بالكتابة، ووجه ذلك أن الشيء يراد، ثم يقال، ثم يكتب، فالإرادة مبدأ، والكتابة منتهى. ثم يعبر عن المراد الذي هو المبدأ إذا أريد توكيده بالكتابة التي هي المنتهى، قال: ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي﴾ [المجادلة/ ٢١]، وقال تعالى: ﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا﴾ [التوبة/٥١]، ﴿لبرز الذين كتب عليهم القتل﴾ [آل عمران/١٥٤]، وقال: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ [الأنفال/٧٥] أي: في حكمه، وقوله: ﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس﴾ [المائدة/٤٥] أي: أوجبنا وفرضنا، وكذلك قوله: ﴿كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت﴾ [البقرة/١٨٠]، وقوله: ﴿كتب عليكم الصيام﴾ [البقرة/١٨٣]، ﴿لم كتبت علينا القتال﴾ [النساء/٧٧]، ﴿ما كتبناها عليهم﴾ [الحديد/٢٧]، ﴿لولا أن كتب الله عليهم الجلاء﴾ [الحشر/٣] أي: لولا أن أوجب الله عليهم الإخلاء لديارهم، ويعبر بالكتابة عن القضاء الممضى، وما يصير في حكم الممضى، وعلى هذا حمل قوله: ﴿بلى ورسلنا لديهم يكتبون﴾ [الزخرف/٨٠] قيل: ذلك مثل قوله: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ [الرعد/٣٩]، وقوله: ﴿أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه﴾ [المجادلة/٢٢] فإشارة منه إلى أنهم بخلاف من وصفهم بقوله: ﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا﴾ [الكهف/٢٨] ؛ لأن معنى (أغفلنا) من قولهم: أغفلت الكتاب: إذا جعلته خاليا من الكتابة ومن الإعجام، وقوله: ﴿فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون﴾ [الأنبياء/٩٤] فإشارة إلى أن ذلك مثبت له ومجازى به.