والثالث أنه لا حكم لمن أكره على دين باطل فاعترف به ودخل فيه، كما قال تعالى: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ [النحل/١٠٦].
الرابع: لا اعتداد في الآخرة بما يفعل الإنسان في الدنيا من الطاعة كرها؛ فإن الله تعالى يعتبر السرائر ولا يرضى إلا الإخلاص، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (الأعمال بالنيات) (الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في بدء الوحي ١/٧؛ ومسلم في الإمارة برقم (١٩٠٧)، وغيرهما)، وقال: (أخلص يكفك القليل من العمل) (الحديث عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله ﷺ حين بعثه إلى اليمن: أوصني. قال: (أخلص دينك يكفك العمل القليل) أخرجه الحاكم في الرقاق ٤/٣٠٦، وقال: صحيح الإسناد، ولم يوافقه الذهبي؛ وأبو نعيم في الحلية ١/٢٤٤. وقال العراقي: رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث معاذ، وإسناده منقطع. انظر: تخريج أحاديث الإحياء ٦/٢٤٠٦).
الخامس: معناه لا يحمل الإنسان على أمر مكروه في الحقيقة مما يكلفهم الله بل يحملون على نعيم الأبد، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (عجب ربكم من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل) (الحديث تقدم في مادة (سل) ).
السادس: أن الدين الجزاء. معناه: أن الله ليس بمكروه على الجزاء بل يفعل ما يشاء بمن يشاء كما يشاء.
وقوله: ﴿أفغير دين الله يبغون﴾ إلى قوله: ﴿طوعا وكرها﴾ [آل عمران/٨٣] (الآية: ﴿أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها﴾ ) قيل معناه: أسلم من في السموات طوعا، ومن في الأرض كرها. أي: الحجة أكرهتهم وألجأتهم، كقولك: الدلالة أكرهتني على القول بهذه المسألة، وليس هذا من الكره المذموم.
الثاني: أسلم المؤمنون طوعا، والكافرون كرها إذ لم يقدروا أن يمتنعوا عليه بما يريد بهم ويقضيه عليهم.


الصفحة التالية
Icon