وكفر النعمة وكفرانها: سترها بترك أداء شكرها، قال تعالى: ﴿فلا كفران لسعيه﴾ [الأنبياء/٩٤]. وأعظم الكفر: جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا، والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعا قال: ﴿فأبى الظالمون إلا كفورا﴾ [الإسراء/٩٩]، ﴿فأبى أكثر الناس إلا كفورا﴾ [الفرقان/٥٠] ويقال منهما: كفر فهو كافر. قال في الكفران: ﴿ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم﴾ [النمل/٤٠]، وقال: ﴿واشكروا لي ولا تكفرون﴾ [البقرة/ ١٥٢]، وقوله: ﴿وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين﴾ [الشعراء/١٩] أي: تحريت: كفران نعمتي، وقال: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد﴾ [إبراهيم/٧] ولما كان الكفران يقتضي جحود النعمة صار يستعمل في الجحود، قال: ﴿ولا تكونوا أو كافر به﴾ [البقرة/٤١] أي: جاحد له وساتر، والكافر على الإطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية، أو النبوة أو الشريعة، أو ثلاثتها، وقد يقال: كفر لمن أخل بالشريعة، وترك ما لزمه من شكر الله عليه.
قال: ﴿من كفر فعليه كفره﴾ [الروم/٤٤] يدل على ذلك مقابلته بقوله: ﴿ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون﴾ [الروم/٤٤]، وقال: ﴿وأكثرهم الكافرون﴾ [النحل/٨٣]، وقوله: ﴿ولا تكونوا أول كافر به﴾ [البقرة/٤١] أي: لا تكونوا أئمة في الكفر فيقتدى بكم، وقوله: ﴿ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾ [النور/٥٥] عني بالكافر الساتر للحق، فلذلك جعله فاسقا، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق، ومعناه: من جحد حق الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه.


الصفحة التالية
Icon