وأنكر بعض اللغويين هذا على الشافعي، وقالوا: تقول العرب: ماء وسمك ملح، ولا تقول: ماء مالح. وردهم مردود بما حكاه أبو عمر الزاهد غلام ثعلب قال: سمعت ثعلبا يقول: كلام العرب: ماء ملح وسمك ملح، وقد جاء عن العرب: ماء ملح، وسمك مالح، وأنشد:
بصرية تزوجت بصريه * يطعمها المالح والطريا
انظر: الرد على الانتقاد على الشافعي ص ٣٥؛ وتهذيب اللغة ٥/٩٩). قال الله تعالى: ﴿وهذا ملح أجاج﴾ [الفرقان/٥٣] وملحت القدر: ألقيت فيها الملح، وأملحتها: أفسدتها بالملح، وسمك مليح، ثم استعير من لفظ الملح الملاحة، فقيل: رجل مليح، وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
ملك
- الملك: هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: ملك الناس، ولا يقال: ملك الأشياء، وقوله: ﴿ملك يوم الدين﴾ [الفاتحة/٣] فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله: ﴿لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ [غافر/١٦]. والملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك، تولى أن لم يتول. فمن الأول قوله: ﴿إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها﴾ [النمل/٣٤]، ومن الثاني قوله: ﴿إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا﴾ [المائدة/٢٠] فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك ههنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة، لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر، فذلك مناف للحكمة كما قيل: لا خير في كثرة الرؤساء. قال بعضهم: الملك اسم لكل من يملك السياسة؛ إما في نفسه وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها؛ وإما في غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله: ﴿فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما﴾ [النساء/٥٤].