انظر: عارضة الأحوذي ٤/٢٨) فإنه بيان ما يحتاج إليه من الآلة، وخصه بالذكر دون الآخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى الشرع أن التكليف من دون تلك الأخر لا يصح، وقوله: ﴿لو استطعنا لخرجنا معكم﴾ [التوبة/٤٢]، فإشارة بالاستطاعة ههنا إلى عدم الآلة من المال، والظهر، والنحو، وكذلك قوله: ﴿ومن لم يستطع منكم طولا﴾ [النساء/٢٥]، وقوله: ﴿لا يستطيعون حيلة﴾ [النساء/٩٨]، وقد يقال: فلان لا يستطيع كذا: لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة، وذلك يرجع إلى افتقاد الآلة، أو عدم التصور، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الإنسان به معذورا، وعلى هذا الوجه قال تعالى: ﴿لن تستطيع معي صبرا﴾ [الكهف/٦٧]، ﴿ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون﴾ [هود/٢٠]، وقال: ﴿وكانوا لا يستطيعون سمعا﴾ [الكهف /١٠١]، وقد حمل على ذلك قوله: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا﴾ [النساء/١٢٩]، وقوله تعالى: ﴿هل يستطيع ربك أن ينزل علينا﴾ [المائدة/١١٢]، فقيل: إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله. وقيل: إنهم لم يقصدوا قصد القدرة (قال عائشة: كان الحواريون أعلم بالله من أن يقولوا: هل يستطيع ربك، إنما قالوا: هل تستطيع أنت؟ ربك هل تستطيع أن تدعوه؟ انظر: الدر المنثور ٣/٢٣١)، وإنما قصدوا أنه هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك؟ وقيل: يستطيع ويطيع بمعنى واحد (وهذا قول الشعبي. انظر: الدر المنثور ٣/٢٣١)، ومعناه: هل يجيب؟ كقوله: ﴿ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع﴾ [غافر/١٨]، أي: يجاب، وقرئ: ﴿هل تستطيع ربك﴾ (وبها قرأ الكسائي. انظر: الإتحاف ص ٢٠٤) أي: سؤال ربك، كقولك هل يستطيع الأمير أن يفعل كذا، وقوله: ﴿فطوعت له نفسه﴾ [المائدة/٣٠]، نحو: أسمحت له قرينته، وانقادت له، وسولت، وطوعت أبلغ من أطاعت، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم: تأبت عن كذا نفسه، وتطوع كذا: تحمله طوعا. قال تعالى: ﴿ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم﴾ [البقرة/١٥٨]، ﴿الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين﴾ [التوبة/٧٩]،


الصفحة التالية
Icon