وقيل: أراد بالوجه ههنا التوجه إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، وقال: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ [البقرة/١١٥]، ﴿كل شيء هالك إلا وجهه﴾ [القصص/٨٨]، ﴿يريدون وجه الله﴾ [الروم/٣٨]، ﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾ [الإنسان/٩] قيل: إن الوجه في كل هذا زائد، ويعنى بذلك: كل شيء هالك إلا هو، وكذا في أخواته. وروي أنه قيل ذلك لأبي عبد الله بن الرضا (تقدم ص ٧٥)، فقال: سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عني الوجه الذي يؤتى منه (انظر: البصائر ٥/١٦٦)، ومعناه: كل شيء من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به الله، وعلى هذا الآيات الأخر، وعلى هذا قوله: ﴿يريدون وجهه﴾ [الكهف/٢٨]، ﴿تريدون وجه الله﴾ [الروم/٣٩]، وقوله: ﴿وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد﴾ [الأعراف/٢٩] فقد قيل: أراد به الجارحة، واستعارها كقولك: فعلت كذا بيدي، وقيل: أراد بالإقامة تحري الاستقامة، وبالوجه التوجه (قال القرطبي: أي: توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة.
تفسير القرطبي ٧/١٨٨)، والمعنى: أخلصوا العبادة لله في الصلاة. وعلى هذا النحو قوله تعالى: ﴿فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله﴾ [آل عمران/٢٠]، وقوله: ﴿ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾ [لقمان/٢٢]، ﴿ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله﴾ [النساء/١٢٥]، وقوله: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا﴾ [الروم/٣٠] فالوجه في كل هذا كما تقدم، أو على الاستعارة للمذهب والطريق.