وأصله مصدر كقوله: ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ [الطلاق/٢]، أي: عدالة. قال تعالى: ﴿وأمرت لأعدل بينكم﴾ [الشورى/١٥]، وقوله: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء﴾ [النساء/١٢٩]، فإشارة إلى ما عليه جبلة الناس من الميل، فالإنسان لا يقدر على أن يسوي بينهن في المحبة، وقوله: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾ [النساء/٣]، فإشارة إلى العدل الذي هو القسم والنفقة، وقال: ﴿لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا اعدلوا﴾ [المائدة/٨]، وقوله: ﴿أو عدل ذلك صياما﴾ [المائدة/٩٥]، أي: ما يعادل من الصيام الطعام، فيقال للغذاء: عدل إذا اعتبر فيه معنى المساواة. وقولهم: (لا يقبل منه صرف ولا عدل) (شطر حديث تقدم في مادة (صرف)، وهو أيضا عند البخاري: (المدينة حرام ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل) أخرجه في الجهاد، انظر فتح الباري ٦/٢٠٠؛ وأخرجه مسلم أيضا في الحج برقم ١٣٧٠) فالعدل قيل: هو كناية عن الفريضة، وحقيقته ما تقدم، والصرف: النافلة، وهو الزيادة على ذلك فهما كاعدل والإحسان. ومعنى أنه لا يقبل منه أنه لا يكون له خير يقبل منه، وقوله: ﴿بربهم يعدلون﴾ [الأنعام/١]، أي: يجعلون له عديلا فصار كقوله: ﴿هم به مشركون﴾ [النحل/١٠٠]، وقيل: يعدلون بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، وقوله: ﴿بل هم قوم يعدلون﴾ [النمل/٦٠]، يصح أن يكون على هذا، كأنه قال: يعدلون به، ويصح أن يكون من قولهم: عدل عن الحق: إذا جار عدولا، وأيام معتدلات: طيبات لاعتدالها، وعادل بين الأمرين: إذا نظر أيهما أرجع، وعادل الأمر: ارتبك فيه، فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم: (وضع على يدي عدل) فمثل مشهور (وهو مثل يضرب لكل شيء قد يئس منه. والعدل هو العدل بن جزء، كأن ولي شرط تبع، فكان تبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فقيل: وضع على يدي عدل. ثم قيل ذلك لكل شيء يئس منه.