جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٤
يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا} أي : المنافقين وهم ابن أبي وأصحابه ﴿وقالوا لإخوانهم﴾ أي : في شأنهم ومعنى إخوانهم اتفاقهم في النفاق والكفر وقيل : في النسب ﴿إذا ضربوا في الأرض﴾ أي : سافروا فيها لتجارة أو غيرها فماتوا ﴿أو كانوا غزا﴾ أي : غزاة جمع غاز فقتلوا ﴿لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا﴾ أي : لا تقولوا كقولهم ﴿ليجعل الله ذلك﴾ القول في عاقبة أمرهم ﴿حسرة في قلوبهم﴾ أي : لأنهم إذا ألقوا تلك الشبهة على المؤمنين لم يلتفتوا إليهم فيضيع سعيهم ويبطل كيدهم فتحصل الحسرة في قلوبهم. وقيل : إنّ اجتهادهم في تكثير الشبهات وإلقاء الضلالات يعمي قلوبهم فيقعون عند ذلك في الحسرة والخيبة وضيق الصدر وهو المراد بقوله تعالى :﴿ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً﴾ (الأنعام، ١٢٥)
فإن قيل : كيف قيل إذا ضربوا مع قالوا ؟
أجيب : بأنّ ذلك هي حكاية الحال الماضية قال التفتازاني معناه : إنك تقدّر نفسك كأنك موجود في ذلك الزمان الماضي، أو تقدر ذلك الزمان كأنه موجود الآن وهذا كقولك : قالوا ذلك حين يضربون والمعنى : حين ضربوا إلا أنك جئت بلفظ المضارع استحضاراً لصورة ضربهم في الأرض وقوله تعالى :﴿وا يحيي ويميت﴾ ردّ لقولهم. أي : هو المؤثر في الحياة والممات لا الإقامة والسفر، فإنه تعالى قد يحيي المسافر والمغازي ويميت المقيم والقاعد ﴿وا بما تعملون بصير﴾ قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء على الغيبة ردّاً على الذين كفروا، والباقون بتاء الخطاب ردّاً على قوله : ولا تكونوا وهو خطاب للمؤمنين وفيه تهديد لهم على أن يماثلوهم.
﴿ولئن قتلتم﴾ اللام هي الموطئة لقسم محذوف ﴿في سبيل الله﴾ أي : الجهاد ﴿أو متم﴾ أي : أتاكم الموت في سبيل الله وجواب القسم قوله تعالى :﴿لمغفرة﴾ كائنة ﴿من الله﴾ وحذف جواب الشرط لسد جواب القسم مسدّه لكونه دالاً عليه ﴿ورحمة﴾ أي : من الله فحذف صفتها لدلالة الأولى عليها ولا بد من حذف آخر مصحح للمعنى تقديره لمغفرة من الله لكم ورحمة منه لكم.
٢٩٧
فإن قيل : المغفرة هي الرحمة فلم كررها ونكرها ؟
أجيب : بأنه إنما نكرها إيذاناً بأن أدنى خير وأقلّ شيء خير من الدنيا وما فيها وهو المراد بقوله :﴿خير مما تجمعون﴾ من الدنيا وأما التكرير فغير مسلم ؛ لأنّ المغفرة مترتبة على الرحمة فيرحم ثم يغفر.
فإن قيل : كيف تكون المغفرة موصوفة بأنها خير مما يجمعون ولا خير فيما يجمعون أصلاً ؟
أجيب : بأنّ الذي يجمعونه في الدنيا قد يكون من الحلال الذي يعد خيراً وأيضاً هذا وارد على حسب قولهم ومعتقدهم أن تلك الأموال خيرات فقيل : المغفرة خير من هذه الأشياء التي تظنونها خيرات.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٤
يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا} أي : المنافقين وهم ابن أبي وأصحابه ﴿وقالوا لإخوانهم﴾ أي : في شأنهم ومعنى إخوانهم اتفاقهم في النفاق والكفر وقيل : في النسب ﴿إذا ضربوا في الأرض﴾ أي : سافروا فيها لتجارة أو غيرها فماتوا ﴿أو كانوا غزا﴾ أي : غزاة جمع غاز فقتلوا ﴿لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا﴾ أي : لا تقولوا كقولهم ﴿ليجعل الله ذلك﴾ القول في عاقبة أمرهم ﴿حسرة في قلوبهم﴾ أي : لأنهم إذا ألقوا تلك الشبهة على المؤمنين لم يلتفتوا إليهم فيضيع سعيهم ويبطل كيدهم فتحصل الحسرة في قلوبهم. وقيل : إنّ اجتهادهم في تكثير الشبهات وإلقاء الضلالات يعمي قلوبهم فيقعون عند ذلك في الحسرة والخيبة وضيق الصدر وهو المراد بقوله تعالى :﴿ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً﴾ (الأنعام، ١٢٥)
فإن قيل : كيف قيل إذا ضربوا مع قالوا ؟
أجيب : بأنّ ذلك هي حكاية الحال الماضية قال التفتازاني معناه : إنك تقدّر نفسك كأنك موجود في ذلك الزمان الماضي، أو تقدر ذلك الزمان كأنه موجود الآن وهذا كقولك : قالوا ذلك حين يضربون والمعنى : حين ضربوا إلا أنك جئت بلفظ المضارع استحضاراً لصورة ضربهم في الأرض وقوله تعالى :﴿وا يحيي ويميت﴾ ردّ لقولهم. أي : هو المؤثر في الحياة والممات لا الإقامة والسفر، فإنه تعالى قد يحيي المسافر والمغازي ويميت المقيم والقاعد ﴿وا بما تعملون بصير﴾ قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء على الغيبة ردّاً على الذين كفروا، والباقون بتاء الخطاب ردّاً على قوله : ولا تكونوا وهو خطاب للمؤمنين وفيه تهديد لهم على أن يماثلوهم.
﴿ولئن قتلتم﴾ اللام هي الموطئة لقسم محذوف ﴿في سبيل الله﴾ أي : الجهاد ﴿أو متم﴾ أي : أتاكم الموت في سبيل الله وجواب القسم قوله تعالى :﴿لمغفرة﴾ كائنة ﴿من الله﴾ وحذف جواب الشرط لسد جواب القسم مسدّه لكونه دالاً عليه ﴿ورحمة﴾ أي : من الله فحذف صفتها لدلالة الأولى عليها ولا بد من حذف آخر مصحح للمعنى تقديره لمغفرة من الله لكم ورحمة منه لكم.
٢٩٧