وهي أشياء كثيرة، قال ابن عباس : هي إلى السبعين أقرب، وقال سعيد بن جبير : هي إلى السبعمائة أقرب أي : باعتبار أصناف أنواعها ﴿نكفر عنكم سيآتكم﴾ أي : الصغائر وهي ما عدا الكبائر أي : نكفر بفعل الطاعات كالصلاة والصوم. عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله ﷺ يقول :"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٢
ولا بأس بذكر شيء من النوعين فمن الأوّل تقديم الصلاة أو تأخيرها عن وقتها بلا عذر، ومنع الزكاة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة ونسيان القرآن، واليأس من رحمة الله وأمن مكره تعالى، والقتل عمداً أو شبه عمد، والكفر، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والإفطار في رمضان من غير عذر، وعقوق الوالدين والزنا، واللواط، وشهادة الزور، وشرب الخمر وإن قل، والسرقة، والغصب وقيده جماعة بما يبلغ ربع مثقال كما يقطع به في السرقة، وكتمان الشهادة بلا عذر، وضرب المسلم بغير حق، وقطع الرحم، والكذب على رسول الله ﷺ وسب الصحابة، وأخذ الرشوة، والنميمة، وأمّا الغيبة فإن كانت في أهل العلم أو حملة القرآن فهي من الكبائر، وإلا فهي صغيرة، ومن الصغائر النظر المحرم، وكذب لا حد فيه ولا ضرر، والإشراف على بيوت الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث، وكثرة الخصومات إلا إن راعى حق الشرع فيها، والضحك في الصلاة والنياحة وشق الجيب في المصيبة، والتبختر في المشي، والجلوس بين الفساق إيناساً لهم، وإدخال مجانين وصبيان يغلب تنجيسهم ونجاسة المسجد، واستعمال نجاسة في بدن أو ثوب لغير حاجة.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، وقيل : الكبائر الشرك وما عداه من الصغائر قال الله تعالى :﴿إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ (النساء، ٤٨ ـ ١١٦)
﴿وندخلكم مدخلاً﴾ قرأ نافع بفتح الميم أي : موضعاً ﴿كريماً﴾ أي : حسناً وهو الجنة، وقرأ الباقون بضمها على المصدر بمعنى الإدخال مع الكرامة.
﴿ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض﴾ من جهة الدنيا والدين ؛ لئلا يؤدّي إلى التحاسد والتباغض ؛ لأنّ ذلك التفضيل قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد
٣٤٤
وبما يصلح للمقسوم له من بسط في الرزق وقبض ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض﴾ (الشورى، ٢٧)
فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له علماً بأنّ ما قسم له هو المصلحة ولو كان خلافه لكان مفسدة له ولا يحسد أخاه على حظه.
قال مجاهد : قالت أمّ سلمة : يا رسول الله إنّ الرجال يغزون ولا نغزو ولهم ضعف ما لنا من الميراث فلو كنا رجالاً غزونا وأخذنا من الميراث مثل ما أخذوا فنزلت هذه الآية، وقيل : لما جعل الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث قالت النساء : نحن أحوج إلى الزيادة من الرجال، فإنا ضعفاء وهم أقوياء وأقدر في طلب المعاش منا فنزلت.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٢
وقال قتادة والسديّ : لما أنزل الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين قال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء في الآخرة فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء كما فضلنا عليهنّ في الميراث فأنزل الله تعالى ﴿للرجال نصيب﴾ أي : ثواب ﴿مما اكتسبوا﴾ أي : بسبب ما عملوا من الجهاد ﴿وللنساء نصيب ما اكتسبن﴾ أي : من حفظ فروجهنّ وطاعة الله وطاعة أزواجهنّ، فالرجال والنساء في الأجر في الآخرة سواء، وذلك أنّ الحسنة تكون بعشر أمثالها يستوي في ذلك الرجال والنساء، وفضل الرجال على النساء إنما هو في الدنيا ﴿واسألوا الله من فضله﴾ أي : لا تتمنوا ما للناس واسألوا الله ما احتجتم إليه يعطكم من خزائنه التي لا تنفد، فنهى الله عن التمني لما فيه من دواعي الحسد والحسد، أن يتمنى الشخص زوال النعمة عن صاحبها سواء تمناها لنفسه أم لا، والغبطة أن يتمنى لنفسه مثل ما لصاحبه وهو جائز، قال ﷺ "لا حسد ـ أي : لا غبطة ـ إلا في اثنتين" الحديث ﴿إنّ الله كان بكلّ شيء عليماً﴾ فهو يعلم ما يستحقه كل إنسان فيفضل عن علم وتبيان.


الصفحة التالية
Icon