الفرقة الثالثة : بنو أسد ورئيسهم طليحة بن خويلد وكان طليحة أحد من ارتد وادّعى النبوّة في عهد رسول الله ﷺ وأوّل من قوتل بعد وفاة النبيّ ﷺ من أهل الردّة فبعث أبو بكر رضي الله تعالى عنه خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه إليه فهزمهم خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه بعد قتال شديد وأفلت طليحة فمرّ على وجهه هارباً نحو الشأم، ثم إنه أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه وسبع في عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، الأولى : فزارة قوم عيينة بن حصن، والثانية : غطفان قوم قرّة بن سلمة، والثالثة : بنو سليم قوم الفجاءة بن عبد ياليل، والرابعة : بنو يربوع قوم مالك بن نويرة، والخامسة : بعض تميم قوم سجاج بنت المنذر المتنبئة التي زوّجت نفسها لمسيلمة الكذاب وفيها يقول أبو العلاء المعري :
*أمت سجاج ووالاها مسليمة ** كذابة في بني الدنيا وكذاب*
والسادسة : كندة قوم الأشعث بن قيس والسابعة بنو بكر بن وائل بالبحرين قوم الحطم بن زيد وكفى الله تعالى أمرهم على يد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وفرقة واحدة في عهد عمر رضي الله تعالى عنه وهي غسان قوم جبلة بن الأيهم تنصر وسار إلى الشأم، والجمهور أنه مات على ردّته وذكرت طائفة أنه عاد إلى الإسلام. وقرأ نافع وابن عامر يرتدد بدالين الأولى مكسورة مخففة والثانية ساكنة والباقون بدال مفتوحة مشدّدة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٣٩
واختلف في القوم في قوله تعالى :﴿فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه﴾ قال قتادة بن غنم الأزدي : لما نزلت الآية قال رسول الله ﷺ "قوم هذا" وأشار إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه وكانوا من اليمن، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله ﷺ قال :"الإيمان يمان والحكمة يمانية" وقال الكلبي : هم أحياء من اليمن ألفان من النخع وخمسة آلاف من كندة وبجيلة وثلاثة آلاف من أفناء أي : لم يعلم ممن هم قاله الجوهري : فجاهدوا في سبيل الله يوم القادسية. وقيل : هم الأنصار وقد سئل رسول الله ﷺ عنهم فضرب على عاتق سلمان رضي الله تعالى عنه فقال :"هذا وذووه"، ثم قال :"لو كان الإيمان معلقاً بالثريا لناله رجال من أبناء فارس" والراجع إلى من محذوف تقديره : فسوف يأتي الله بقوم مكانهم أو بقوم غيرهم أو ما أشبه ذلك ومحبة الله تعالى لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظّمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم ومحبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه
٤٤١
﴿أذلة على المؤمنين﴾ أي : عاطفين عليهم متذللين لهم جمع ذليل، وأمّا ذلول فجمعه ذلل ومن زعم أنه من الذل الذي هو نقيض الصعوبة فقد غبي عنه لأنه ذلولاً لا يجمع على أذلة.
فإن قيل : هلا قال أذلة للمؤمنين ؟
أجيب : بأنه تضمن معنى الحنو والعطف كأنه قال : عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع وأنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم أو للمقابلة في قوله تعالى :﴿أعزة على الكافرين﴾ أي : شداد متغلبين عليهم من عزّه إذا غلبه، وقوله تعالى :﴿يجاهدون في سبيل الله﴾ حال من الضمير في أعزة أو صفة أخرى لقوم، وقوله تعالى :﴿ولا يخافون لومة لائم﴾ يحتمل أن تكون الواو للحال على أنهم يجاهدون وحالهم في المجاهدة خلاف حال المنافقين فإنهم كانوا موالين لليهود فإذا خرجوا في جيش المؤمنين خافوا أولياءهم اليهود فلا يعملون شيئاً مما يعلمون أنه يلحقهم فيه لوم من جهتهم، وأمّا المؤمنون فكانوا يجاهدون لوجه الله لا يخافون لومة لائم قط، وإن يكون للعطف على يجاهدون بمعنى : إنهم الجامعون بين المجاهدة في سبيل الله والتصلّب في دينه واللومة المرّة من اللوم وفيها وفي تنكير لائم مبالغتان ﴿ذلك﴾ إشارة إلى الأوصاف المذكورة وقوله تعالى :﴿فضل الله يؤتيه من يشاء﴾ أي : يمنحه ويوفق له فيبذل الإنسان جهده في طاعته لينظر إليه هذا النظر برحمته ﴿وا واسع﴾ أي : كثير الفضل ﴿عليم﴾ أي : بمن هو أهله، ونزل لما قال ابن سلام رضي الله تعالى عنه : يا رسول الله إنّ قومنا هجرونا.
﴿
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٣٩
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾
وإنما قال : وليكم ولم يقل : أولياؤكم للتنبيه على أنّ الولاية لله على الأصالة، ولرسوله وللمؤمنين على التبع إذ التقدير : إنما وليكم الله وكذا رسوله والمؤمنون. ولو قيل : إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا لم يكن في الكلام أصل وتبع ثم وصف المؤمنين بقوله تعالى :﴿الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ أي : متخشعون في صلاتهم وزكاتهم وقيل : يصلون صلاة التطوع.


الصفحة التالية
Icon