﴿وإذا جاءتهم﴾ أي : أهل مكة ﴿آية﴾ على صدق النبيّ ﷺ ﴿قالوا لن نؤمن﴾ به ﴿حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله﴾ أي : من النبوّة وذلك أنّ الوليد بن المغيرة قال للنبيّ ﷺ لو كانت النبوّة حقاً لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سناً وأكثر منك مالاً فنزلت، وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل حين قال : زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبيّ يوحى إليه، والله لا نرضى إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١٦
وقوله تعالى :﴿الله أعلم حيث يجعل رسالاته﴾ استئناف للردّ عليهم بأن النبوّة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص الله بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالته من علم أنه يصلح لها وحيث مفعول به لفعل محذوف دل عليه أعلم لأنّ أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به أي :
٥١٧
يعلم الموضع الصالح لوضعها فيه فيضعها وهؤلاء ليسوا أهلاً لها، وقرأ ابن كثير وحفص بنصب التاء ورفع الهاء ولا ألف قبل التاء على التوحيد، والباقون بكسر التاء والهاء وألف قبل التاء على الجمع ﴿سيصيب الذين أجرموا﴾ بقولهم ذلك ﴿صغار﴾ أي : ذل وهوان ﴿عند الله﴾ يوم القيامة، وقيل : تقديره من عند الله ﴿وعذاب﴾ أي : مع الصغار ﴿شديد﴾ أي : في الدنيا بالقتل والأسر وفي الآخرة بالنار ﴿بما﴾ أي : بسبب ما ﴿كانوا يمكرون﴾ من صدّهم الناس عن الإيمان وطلبهم ما لا يستحقونه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١٦
وقوله تعالى :﴿الله أعلم حيث يجعل رسالاته﴾ استئناف للردّ عليهم بأن النبوّة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص الله بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالته من علم أنه يصلح لها وحيث مفعول به لفعل محذوف دل عليه أعلم لأنّ أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به أي :
٥١٧
يعلم الموضع الصالح لوضعها فيه فيضعها وهؤلاء ليسوا أهلاً لها، وقرأ ابن كثير وحفص بنصب التاء ورفع الهاء ولا ألف قبل التاء على التوحيد، والباقون بكسر التاء والهاء وألف قبل التاء على الجمع ﴿سيصيب الذين أجرموا﴾ بقولهم ذلك ﴿صغار﴾ أي : ذل وهوان ﴿عند الله﴾ يوم القيامة، وقيل : تقديره من عند الله ﴿وعذاب﴾ أي : مع الصغار ﴿شديد﴾ أي : في الدنيا بالقتل والأسر وفي الآخرة بالنار ﴿بما﴾ أي : بسبب ما ﴿كانوا يمكرون﴾ من صدّهم الناس عن الإيمان وطلبهم ما لا يستحقونه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١٦
بأن يقذف في قلبه نوراً فينفسح له ويقبله.
ولما نزلت هذه الآية سئل رسول الله ﷺ عن شرح الصدر فقال :"نور يقذفه الله في قلب المؤمن ينشرح له قلبه وينفسخ" قيل : فهو لذلك أمارة، قال :"نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل لقي الموت" ﴿ومن يرد﴾ أي : الله ﴿أن يضله يجعل صدره ضيقاً﴾ أي : عن قبول الإيمان حتى لا يدخله، وقرأ ابن كثير بسكون الياء، والباقون بتشديدها مع الكسر، وقوله تعالى :﴿حرجاً﴾ قرأه نافع وأبو بكر بكسر الراء أي : شديد الضيق، والباقون بالفتح وصفاً للمصدر، وفي الآية دليل على أنّ جميع الأشياء بمشيئة الله وإرادته حتى إيمان المؤمن وكفر الكافر ﴿كأنما يصعد في السماء﴾ أي : يشق عليه الإيمان كما يشق عليه صعود السماء شبه مبالغته في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه، وقرأ ابن كثير بسكون الصاد
٥١٨
وتخفيف العين من غير ألف بعد الصاد، وقرأ شعبة بتشديد الصاد وتخفيف العين وألف بعد الصاد بمعنى يتصاعد ﴿كذلك﴾ أي : مثل ما جعل الله الرجس على من أراد ضلاله من أهل هذا الزمان ﴿يجعل الله الرجس﴾ أي : العذاب أو الشيطان أي : يسلطه ﴿على الذين لا يؤمنون﴾ وقال الزجاج : الرجس في الدنيا اللعنة وفي الآخرة العذاب.
﴿
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١٨
وهذا﴾
أي : الدين الذي أنت عليه يا محمد ﴿صراط﴾ أي : طريق ﴿ربك مستقيماً﴾ لا عوج فيه ونصبه على الحال المؤكدة للجملة والعامل فيها معنى الإشارة ﴿قد فصلنا﴾ أي : بينا ﴿الآيات لقوم يذكرون﴾ فيه إدغام التاء في الأصل في الذال أي : يتعظون فيعلمون أن القادر على كل شيء هو الله عز وجل وأن كل ما يحدث من خير أو شرّ فهو بقضائه وقدره وخلقه وإنه تعالى عالم بأحوال العباد حكيم عادل فيما يفعل بهم وخصوا بالذكر لأنهم المنتفعون.
﴿لهم﴾ أي : المتذكرين ﴿دار السلام﴾ هي الجنة وأضافها لنفسه في قول جميع المفسرين فإنّ السلام كما قال الحسن هو الله تعالى تشريفاً لهم أو ﴿تحيتهم فيها سلام﴾ (يونس، ١٠)
أو أراد بها دار السلامة ﴿عند ربهم﴾ أي : ذخيرة لهم عنده لا يعلم كنهها غيره ﴿وهو وليهم﴾ أي : المتكفل بتولي أمورهم ولا يكلهم إلى أحد سواه ﴿ما﴾ أي : بسبب ما ﴿كانوا يعملون﴾ من الأعمال الصالحة التي كانوا يتقرّبون بها إليه في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon