فضة فأبى عليهم وبناها كما كانت. وأمّا الصبيّ الآخر فإنّ امرأة كان معها صبيّ لها ترضعه إذ مرّ بها شاب جميل ذو شارة فقالت : اللهمّ اجعل ابني مثل هذا. فقال الصبيّ : اللهمّ لا تجعلني مثله، ثم مرّ بها امرأة ذكروا أنها سرقت وزنت وعوقبت فقالت : اللهمّ لا تجعل ابني مثل هذه. فقال الصبيّ : اللهمّ اجعلني مثلها. فقالت له أمّه في ذلك، فقال : إنّ الراكب جبار من الجبابرة فكرهت أن أكون مثله وإنّ هذه قيل لها زنيت ولم تزن وقيل له سرقت ولم تسرق وهي تقول : حسبي الله فأحببت أن أكون مثلها".
ومنها خبر الغار وهو مشهور في الصحيح عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ "انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم فأواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدّت عليهم باب الغار" وقد ذكرت ذلك عند قوله تعالى :﴿كانوا من آياتنا عجباً﴾ (الكهف، ٩)
. ومنها قوله ﷺ "ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره". ولم يفرق من شيء وشيء فيما يقسم به على الله تعالى. ومنها ما روي عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال :"بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها التفتت البقرة، وقالت : إني لم أخلق لهذا وإنما خلقت للحرث فقال الناس : سبحان الله فقال رسول الله ﷺ آمنت بهذا وأبو بكر وعمر". ومنها ما روي عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال :"بينا رجل سمع رعداً أو صوتاً في السحاب أن اسق حديقة فلان قال : فغدوت إلى تلك الحديقة فإذا رجل قائم فيها فقلت له : ما اسمك ؟
قال : فلان ابن فلان قلت : فما تصنع بحديقتك هذه إذا صرمتها ؟
قال : ولم تسأل عن ذلك. قلت : لأني سمعت صوتاً في السحاب أن اسق حديقة فلان قال : أمّا إذ قلت فإني أجعلها أثلاثاً فأجعل لنفسي ولأهلي ثلثاً وأجعل للمساكين وأبناء السبيل ثلثاً وأنفق عليها ثلثاً".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٢
وأمّا الآثار فكثيرة ايضاً ولنبدأ منها ببعض ما نقل أنه ظهر على يد الخلفاء الراشدين من الكرامات ثم ببعض ما ظهر على يد بعض الصحابة. أمّا أبو بكر رضي الله تعالى عنه فمن كراماته أنه لما حملت جنازته إلى باب قبر النبيّ ﷺ ونودي السلام عليك يا رسول الله، هذا أبو بكر بالباب فإذا بالباب قد فتح وإذا بهاتف يهتف من القبر أدخلوا الحبيب إلى الحبيب، وأمّا عمر رضي الله تعالى عنه فقد ظهرت أنواع كثيرة من كراماته النوع الأوّل ما روي أنه لما بعث جيشاً وأمرّ عليهم رجلاً يدعى سارية بن الحصين فبينما عمر يوم الجمعة يخطب جعل يصيح في خطبته وهو على المنبر يا سارية الجبل الجبل. قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كتبت تاريخ هذه الكلمة فلما قدم رسول ذلك الجيش فقال : يا أمير المؤمنين غدونا يوم الجمعة في وقت الخطبة فهزمونا فإذا بإنسان يصيح يا سارية الجبل فأسندنا ظهرنا إلى الجبل فهزم الله تعالى الكفار وظفرنا بالغنائم العظيمة ببركة ذلك الصوت. قال الرازي : قلت سمعت بعض المذكرين قال : كان ذلك معجزة
٤٠٧
لمحمد ﷺ لأنه قال لأبي بكر وعمر :"أنتما بمنزلة السمع والبصر"، فلما كان عمر بمنزلة البصر لمحمد ﷺ لا جرم قدر على أن يرى من ذلك البعد العظيم.
النوع الثاني : ما روي أن نيل مصر كان في الجاهلية يقف في كل سنة مرة واحدة فكان لا يجري حتى تلقى فيه جارية حسناء فلما جاء الإسلام كتب عمرو بن العاص إلى عمر فكتب عمر على خرقة أيها النيل إن كنت تجري بأمر الله فاجر وإن كنت إنما تجري بأمرك لا حاجة بنا إليك فألقيت تلك الخرقة في النيل فجرى ولم يقف بعد ذلك.
النوع الثالث : لما وقعت الزلزلة في المدينة فضرب عمر بالدرّة على الأرض وقال : اسكني بأذن الله فسكنت وما حدثت الزلزلة بالمدينة بعد ذلك الوقت.
النوع الرابع : وقعت النار في بعض دور المدينة فكتب عمر على خرقة يا نار اسكني بأذن الله فألقوها في النار فانطفأت في الحال.


الصفحة التالية
Icon