فإن النزل ما يعد للنازل تكرمة له ثم استدل على منكري البعث بقوله تعالى :﴿نحن﴾ أي : لا غيرنا ﴿خلقناكم﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿فلولا﴾ تحضيض، أي : فهلا ﴿تصدقون﴾ أي : بالبعث فإن الإعادة أسهل من الابتداء ؛ وقيل : نحن خلقنا رزقكم فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا ؛ ومتعلق التصديق محذوف تقديره : فلولا تصدّقون بخلقنا ﴿أفرأيتم﴾ أي : أخبروني هل رأيتم بالبصر والبصيرة ﴿ما تمنون﴾ أي : تصبون من المنيّ في أرحام النساء ﴿أأنتم تخلقونه﴾ أي : توجدونه مقدراً على ما هو عليه من الإستواء، والحكمة بعد خلقه من صورة النطفة إلى صورة العلقة ثم من صورة العلقة إلى صورة المضغة ثم منها إلى صورة العظام والأعصاب ﴿أم نحن﴾ أي : خاصة ﴿الخالقون﴾ أي الثابت لنا ذلك وقرأ أفرأيتم في الثلاثة مواضع نافع بتسهيل الهمزة التي هي عين الكلمة، ولو رش وجه ثان وهو أبدالها ألفاً، وأسقطها الكسائي، والباقون بالتحقيق، وقرأ أأنتم في الثلاثة المواضع نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بخلاف عن هشام، وأدخل بينهما ألفاً، قالون وأبو عمرو وهشام، ولم يدخل بينهما ورش وابن كثير ولو رش وجه ثان وهو إبدال الثانية ألفا والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال بينهما.
ولما كان الجواب قطعاً أنت الخالق وحدك أكد ذلك بقوله تعالى :﴿نحن﴾ أي : بمالنا من العظمة لا غيرنا ﴿قدرنا﴾ أي : تقديراً عظيماً لا يقدر سوانا على نقص شيء منه، ﴿بينكم الموت﴾ أي قسمنا عليكم فلم نترك أحداً منكم بغير حصة منه، وأقتنا موت كل بوقت معين لا يتعداه، فقصرنا عمر هذا وربما كان في الأوج من قوّة البدن وصحة المزاج فلو اجتمع الخلق لهم على إطالة عمره ما قدروا أن يؤخروه لحظة، وأطلنا عمر هذا وربما كان في الحضيض من ضعف البدن واضطراب المزاج فلو تمالؤا على تقصيره طرفة عين لعجزوا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٨
وقرأ ابن كثير بتخفيف الدال والباقون بالتشديد ﴿وما نحن﴾ أي : على ما لنا من العظمة ﴿بمسبوقين﴾ أي : بالموت أي : لا عاجزين ولا مغلوبين ﴿على﴾ أي : عن ﴿أن نبدّل﴾ أي تبديلاً عظيماً ﴿أمثالكم﴾ أي : صوركم وأشخاصكم ﴿وننشئكم﴾ أي إنشاء جديداً بعد تبديل ذواتكم ﴿في ما لا تعلمون﴾ فإنّ بعضكم تأكله الحيتان أو السباع أو الطيور فننشئ أبدانه منها، وبعضهم يصير تراباً فربما نشأ منه نبات فأكلته الدواب فنشأت منه أبدانها وربما صار ترابه من معادن الأرض الذهب والفضة والحديد والنحاس والحجر ونحو ذلك وقد لمح إلى ذلك قوله تعالى :﴿قل كونوا حجارة أو حديداً﴾ (الإسراء : ٥٠)
إلى آخرها ويكون المعنى كما قال البغوي : نأت بخلق مثلكم بدلاً منكم ونخلقكم فيما لا تعلمون من الصور أي : بتغيير أوصافكم وصوركم
١٩٩
إلى صور أخرى بالمسخ ومن قدر على ذلك قدر على الإعادة وقال الطبري : معنى الآية نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم أي : لا يتقدّم متأخر ولا يتأخر متقدم، وننشئكم فيما لا تعلمون من الصور وقال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم، وقيل : المعنى : ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا فنجمل المؤمن ببياض وجهه ونقبح الكافر بسواد وجهه "فائدة" في ما مقطوعة في الرسم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٨
وقرأ ابن كثير بتخفيف الدال والباقون بالتشديد ﴿وما نحن﴾ أي : على ما لنا من العظمة ﴿بمسبوقين﴾ أي : بالموت أي : لا عاجزين ولا مغلوبين ﴿على﴾ أي : عن ﴿أن نبدّل﴾ أي تبديلاً عظيماً ﴿أمثالكم﴾ أي : صوركم وأشخاصكم ﴿وننشئكم﴾ أي إنشاء جديداً بعد تبديل ذواتكم ﴿في ما لا تعلمون﴾ فإنّ بعضكم تأكله الحيتان أو السباع أو الطيور فننشئ أبدانه منها، وبعضهم يصير تراباً فربما نشأ منه نبات فأكلته الدواب فنشأت منه أبدانها وربما صار ترابه من معادن الأرض الذهب والفضة والحديد والنحاس والحجر ونحو ذلك وقد لمح إلى ذلك قوله تعالى :﴿قل كونوا حجارة أو حديداً﴾ (الإسراء : ٥٠)
إلى آخرها ويكون المعنى كما قال البغوي : نأت بخلق مثلكم بدلاً منكم ونخلقكم فيما لا تعلمون من الصور أي : بتغيير أوصافكم وصوركم
١٩٩
إلى صور أخرى بالمسخ ومن قدر على ذلك قدر على الإعادة وقال الطبري : معنى الآية نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم أي : لا يتقدّم متأخر ولا يتأخر متقدم، وننشئكم فيما لا تعلمون من الصور وقال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم، وقيل : المعنى : ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا فنجمل المؤمن ببياض وجهه ونقبح الكافر بسواد وجهه "فائدة" في ما مقطوعة في الرسم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٨