ولو ارتد متصلاً بالظهار بعد الدخول ثم أسلم في العدّة فلا عود بالإسلام بل بعده، والفرق أنّ الرجعة إمساك في ذلك النكاح والإسلام بعد الردّة تبديل للدّين الباطل بالحق والحّل تابع له فلا يحصل به إمساك وإنما يحصل بعده فالعود في ظهار مؤقت يحصل بتغييب حشفة أو قدرها من فاقدها في المدّة ويجب في العود به وإن حلّ نزع لما غيبه، كما لو قال : إن وطأتك فأنت طالق لحرمة الوطء قبل التكفير كما سيأتي وانقضاء المدة واستمرار الوطء وطء ولما كان المبتدأ الموصول يتضمن معنى الشرط أدخل الفاء في خبره ليفيد السببية فيتكرّر الوجوب بتكرير سببه فقال عز من قائل :﴿فتحرير﴾ أي : فعليهم بسبب هذا الظهار والعود تحرير ﴿رقبة﴾ مؤمنة فلا تجزىء كافرة قال تعالى في كفارة القتل :﴿فتحرير رقبة مؤمنة﴾ (النساء : ٩٢)
وألحق بها غيرها قياساً عليها بجامع حرمة سببيهما من القتل والظهار أو حملاً للمطلق على المقيد كما في حمل المطلق في قوله تعالى :﴿واستشهدوا شهدين من رجالكم﴾ (البقرة : ٢٨٢)
على المقيد في قوله تعالى :﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ (الطلاق : ٢)
بلا عوض ولا بعيب يخل بعمل فيجزئ صغير ولو ابن يوم وأقرع وأعرج يمكنه تباع مشي بأن يكون عرجه غير شديد وأعور لم يضعف عوره بصر عينه السليمة ضعفاً يخل بالعمل وأصم وأخرس يفهم الإشارة وتفهم عنه وأخشم وفاقد أنفه وأذنيه وأصابع رجليه لا فاقد رجل أو خنصر وبنصر من يد أو أنملتين من كلّ منهما أو فاقد أنملتين من أصبع غيرهما أو فاقد أنملة إبهام لا خلال كل من الصفات المذكورة بالعمل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٠
ولا يجزىء مريض لا يرجى برؤه ولم يبرأ كيد شلاء وهرم بخلاف من يرجى برؤه ومن لا
٢٣٣
يرجى برؤه إذا برىء، ولا مجنون إفاقته أقلّ من جنونه تغليباً للأكثر، ويجزئ معلق عتقه بصفة بأن ينجز عتقه بنية الكفارة أو معلقه كذلك بصفة أخرى وتوجد قبل الأولى، ويجزئ نصفا رقبتين أعتقهما عن كفارة باقيهما أو في أحدهما كما استظهره بعضهم، ويجزئ إعتاق رقبتيه عن كفارتيه لأجعل العتق المعلق كفارة عند وجود الصفة ولا مستحق عتق كأم ولد وصحيح كتابة ﴿من قبل أنّ يتماسا﴾ أي : يتجدّد بينهما مس روى أبو داود وغيره "أنه ﷺ قال لرجل ظاهر من امرأته وواقعها : لا تقربها حتى تكفّر". وكالتكفير مضى مدة المؤقت لانتهائه بها وحمل التماس هنا لشبه الظهار بالحيض على التمتع بما بين السرّة والركبة ومن حمله على الوطء ألحق به التمتع بغيره فيما بينهما، ولو ظاهر من أربع بكلمة كأنتن كظهر أمي فإن أمسكهنّ فأربع كفارات لوجود سببها أو ظاهر منهنّ بأربع كلمات ولو متوالية فعائد من غير أخيرة، ولو كرر في امرأة متصلاً تعدد الظهار إن قصد استئنافاً ويصير المظاهر بالاستئناف عائداً ﴿ذلكم﴾ أي : ذلك الحكم بالكفارة ﴿توعظون به﴾ أي : أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار ولا تعاودوه ﴿والله﴾ أي : الذي له الإحاطة بالكمال ﴿بما تعملون﴾ أي : تجدّدون فعله ﴿خبير﴾ أي : عالم بظاهره وباطنه فهو عالم بما يكفره فافعلوا بما أمر به وقفوا عند حدوده، وإنما يلزم الإعتاق عن الكفارة من ملك رقيقاً أو ثمنه فاضلاً عن كفاية ممونة من نفسه وغيره.
قال الرافعي : وسكتوا عن تقدير مدة ذلك ويجوز أن تقدر بالعمر الغالب وأن تقدّر بسنة ا. ه. والذي عليه الجمهور هو : الأوّل ولا يلزمه بيع عقار ورأس تجارة وماشية لا يفضل دخلوها عن غلة العقار وربح مال التجارة وفوائد الماشية من نتاج وغيره عن كفاية ممونة ولا بيع مسكن ورقيق نفيسين ألفهما ولا يلزمه شراء بغبن.
﴿فمن لم يجد﴾ أي : الرقبة بأن عجز المكفر عن الإعتاق حساً أو شرعاً وقت أداء الكفارة ﴿فصيام﴾ أي : فعليه صيام ﴿شهرين متتابعين﴾ عن كفارته فالرقيق لا يكفر إلا بالصوم لأنه معسر لا يملك شيئاً وليس لسيده منعه من الصوم إن ضره، وإنما اعتبر العجز وقت الأداء لا وقت الوجوب قياساً على سائر العبادات.
ولو ابتدأ الصوم ثم وجد الرقبة لم يلزمه الانتقال عنه، لأنه أمر به حيث دخل فيه، وقال أبو حنيفة : يعتق قياساً على الصغيرة المعتدة بالشهور إذا رأت الدم قبل انقضاء عدّتها فإنها تستأنف الحيض إجماعاً ويكفيه نية صوم الكفارة، وإن لم ينو الولاء، فإن انكسر الشهر الأول أتمه من الثالث ثلاثين لتعذر الرجوع فيه إلى الهلال.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٠
وينقطع التتابع بفوات يوم ولو بعذر كمرض أو سفر فيجب الاستئناف ولو كان الفائت اليوم الأخير أو اليوم الذي نسيت النية له بخلاف ما إذا فات بجنون أو إغماء مستغرق لمنافاة ذلك الصوم ﴿من قبل أن يتماسا﴾ كما مرّ في العتق، فإن جامع ليلاً عصى ولم ينقطع التتابع لأنه ليس محلاً للصوم بخلافه نهاراً وقال أبو حنيفة ومالك : يبطل بكلّ حال ويجب عليه ابتداء الكفارة لقوله تعالى :﴿من قبل أن يتماسا﴾.
﴿فمن لم يستطع﴾ بأن عجز عن صوم أو لا لمرض يدوم شهرين بالظنّ المستفاد من العادة