سورة المرسلات عرفاً
مكية
في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية منها وهي قوله تعالى :﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ فمدنية.
وقال ابن مسعود :"نزلت والمرسلات عرفاً على النبيّ ﷺ ليلة الجنّ ونحن معه نسير حتى أوينا إلى غار منى فنزلت، فبينما نحن نتلقاها منه وإن فاه رطب بها إذ وثبت حية فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت، فقال النبيّ ﷺ وقيتم شرّها كما وقيت شرّكم" ا. ه. والغار المذكور مشهور في منى وقد زرته ولله الحمد، وعن كريب مولى ابن عباس قال : قرأت سورة والمرسلات عرفاً فسمعتني أمّ الفضل امرأة العباس فبكت. وقالت : والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعته من رسول الله ﷺ يقرأ بها في صلاة المغرب.
وهي خمسون آية وإحدى وثمانون كلمة وثمانمائة وستة عشر حرفاً.
﴿بسم الله﴾ الملك الحق المبين ﴿الرحمن﴾ المنعم على الخلق أجمعين ﴿الرحيم﴾ الذي خص بكرامته عباده المؤمنين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥١٩
﴿والمرسلات عرفاً﴾ أي : الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضها بعضاً ونصبها على الحال، هذا ما عليه الجمهور من أنها الرياح قال تعالى :﴿وأرسلنا الرياح﴾ (الحجر : ٢٢)
وقال تعالى :﴿ويرسل الرياح﴾ (الأعراف : ٥٧)
. وروى مسروق عن عبد الله قال : هي الملائكة أرسلت
٥٢٠
بالعرف من أمر الله تعالى ونهيه والخير والوحي، وهو قول أبي هريرة ومقاتل والكلبي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هم الأنبياء عليهم السلام أرسلوا بلا إله إلا الله. وقال أبو صالح : هم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات. وقيل : المراد السحاب لما فيها من نعمة ونقمة عارفة بما أرسلت إليه ومن أرسلت إليه.
﴿فالعاصفات﴾ أي : الرياح الشديدة ﴿عصفاً﴾ أي : عظيماً بما لها من النتائج الصالحة، وقيل : الملائكة شبهت لسرعة جريها في أمر الله تعالى بالرياح، وقيل : الملائكة تعصف بروح الكافر يقال : عصف بالشيء إذا أباده وأهلكه، وناقة عصوف أي : تعصف بركابها فتمضي كأنها ريح في السرعة، وعصفت الحرب بالقوم أي : ذهبت بهم. وقيل : يحتمل أنها الآيات المهلكة كالزلازل والخسوف.
﴿والناشرات ونشراً﴾ أي : الرياح اللينة تنشر المطر. وقال الحسن : هي الرياح التي يرسلها الله تعالى بين يدي رحمته، وقيل : الأمطار لأنها تنشر النبات بمعنى تحييه. وروي عن السدي أنها الملائكة تنشر كتب الله تعالى. وروى الضحاك أنها الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد.
تنبيه : إنما قال الله تعالى ﴿والناشرات﴾ بالواو لأنه استئناف قسم آخر.
﴿فالفارقات فرقاً﴾ أي : الرياح تفرق السحاب وتبدده قاله مجاهد، وعن ابن عباس هي الملائكة تفرّق الأقوات والأرزاق والآجال، وقيل : هم الرسل فرّقوا بين ما أمر الله تعالى به وما نهى عنه أي : بينوا ذلك، وقيل : آيات القرآن تفرّق بين الحق والباطل والحلال والحرام.