سورة النازعات
مكية
وهي خمس أو ست وأربعون آية ومائةوسبعون كلمة وسبعمائة وثلاثون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الذي أحاط علمه بالكائنات ﴿الرحمن﴾ الذي أنعم على سائر الموجودات ﴿الرحيم﴾ الذي خص أولياءه بالجنات
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٣٦
﴿والنازعات﴾ أي : الملائكة تنزع أرواح الكفار ﴿غرقاً﴾ أي : تنزع أرواحهم من أجسادهم بشدّة كما يغرق النازع في القوس ليبلغ بها غاية المدّ بعدما نزعها، حتى إذا كادت تخرج ردّها إلى جسده فهذا عملهم بالكفار. وقال عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما : يريد نفس الكفار ينزعها ملك الموت من أجسادهم من تحت كل شعرة ومن تحت الأظافير وأصول القدمين نزعاً كالسفود ينزع من الصوف الرطب، ثم يغرقها أي : يرجعها إلى أجسادهم ثم ينزعها، فهذا عمله في الكفار.
وقال السدّي رضي الله عنه : والنازعات هي النفوس حين تغرق في الصدور، وقال مجاهد رضي الله عنه : هي الموت ينزع النفوس. وقال الحسن وقتادة رضي الله عنهم : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب. وقال عطاء وعكرمة رضي الله عنهم : هي النفوس، وقيل : الغزاة.
تنبيه : غرقاً يجوز أن يكون مصدراً على حذف الزوائد بمعنى إغراقاً، وانتصابه بما قبله لملاقاته في المعنى، وأن يكون على الحال أي : ذوات إغراق.
يقال : أغرق في الشيء يغرق فيه إذا أوغل وبلغ أقصى غايته.
﴿والناشطات نشطاً﴾ أي : الملائكة تنشط أرواح المؤمنين أي : تسلها برفق فتقبضها كما ينشط العقال من يد البعير إذا حل عنه.
٥٣٧
وفي الحديث :"كأنما نشط من عقال". وعن ابن عباس رضي الله عنهما :"هي أنفس المؤمنين تنشط للخروج عند الموت لما ترى من الكرامة ؛ لأنّ الجنة تعرض عليهم قبل الموت". وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه :"هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أفواههم بالكد والغم" والنشط الجذب والنزع، يقال : نشط الدنو نشطاً انتزعها". وقال السدّي رضي الله عنه : هي النفس تنشط من بين القدمين، أي : تجذب، وقال قتادة رضي الله عنه : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق، أي : تذهب. يقال : نشط من بلد إلى بلد إذا خرج في سرعة، ويقال حمار ناشط ينشط من بلد إلى بلد. وقال الجوهري : يعني النجوم تنشط من برج إلى برج، كالثور الناشط من بلد إلى بلد.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٣٧
والسابحات سبحاً﴾ أي : الملائكة تسبح من السماء بأمره أي : ينزلون من السماء مسرعين كالفرس الجواد. يقال له : سابح إذا أسرع في جريه، وقال عليّ رضي الله عنه : هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين. قال الكلبي : كالذي يسبح في الماء، فأحياناً ينغمس وأحياناً يرتفع يسلونها سلاً رفيقاً بسهولة، ثم يدعونها حتى تستريح. وعن مجاهد رضي الله عنه : السابحات الموت يسبح في نفوس بني آدم. وقال قتادة والحسن رضي الله عنهم : هي النجوم تسبح في أفلاكها، وكذا الشمس والقمر، قال تعالى :﴿كل في فلك يسبحون﴾ (الأنبياء : ٣٣)
. وقال عطاء : هي السفن في الماء. وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أرواح المؤمنين تسبح شوقاً إلى لقاء الله تعالى ورحمته حتى تخرج، وقيل : هي خيل الغزاة، قال عنترة :
*والخيل تعلم حين تس ** بح في حياض الموت سبحا*