سورة الانفطار
مكية
وهي تسع عشرة آية وثمانون كلمة وثلاثمائة وسبعة وعشرون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الذي خلق كل شيء فقدّره تقديراً ﴿الرحمن﴾ الذي دبر الكائنات تدبيراً ﴿الرحيم﴾ الذي أرسل رسوله للخلق نذيراً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٦٢
﴿إذا السماء﴾ أي : على شدّة إحكامها واتساقها وارتفاعها ﴿انفطرت﴾ أي : انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى :﴿ويوم تشقق السماء بالغمام﴾ (الفرقان : ٢٥)
﴿وإذا الكواكب﴾ أي : النجوم الصغار والكبار كلها الغراء الزاهرة المتوقدة توقد النار المرصعة ترصيع المسامير ﴿انتثرت﴾ أي : تساقطت متفرّقة ؛ لأنّ عند انتقاض تركيب السماء تنتثر النجوم على الأرض.
﴿وإذا البحار﴾ المتفرّقة في الأرض وهي ضابطة لها أتم ضبط لنفع العباد على كثرتها ﴿فجرت﴾ أي : فتح بعضها في بعض فاختلط العذب بالملح وزال البرزخ الذي بينها فصارت البحار بحراً واحداً وروي أنّ الأرض تنشف الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية. وهو معنى التسجير عند الحسن في قوله تعالى :﴿وإذا البحار سجرت﴾ (التكوير : ٦٠)
وقال هنا : فجرت بغت.
﴿وإذا القبور﴾ أي : مع ذلك كله ﴿بعثرت﴾ أي : قلبت، يقال : بعثره وبحثره بالعين والحاء. قال الزمخشري : وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما، أي : فهما بمعنى، والمعنى : قلب أعلاها أسفلها وقلب باطنها ظاهرها، وخرج ما فيها من الموتى أحياء، وقيل : التبعثر إخراج ما في بطنها من الذهب والفضة، ثم تخرج الموتى بعد ذلك، وجواب إذا أوّل السورة وما عطف عليه.
﴿علمت نفس﴾ أي : كل نفس وقت هذه المذكورات، وهو يوم القيامة ﴿ما قدّمت﴾ من عمل
٥٦٣
﴿وأخرت﴾ أي : جميع ما عملت من خير أو شر أو غيرهما. فإن قيل : أي وقت من القيامة يحصل هذا العلم. قال الرازي : أمّا العلم الإجمالي فيحصل في أوّل زمان الحشر ؛ لأنّ المطيع يرى آثار السعادة، والعاصي يرى آثار الشقاوة في أوّل الأمر، وأمّا العلم التفصيلي، فإنما يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة.
وقوله تعالى :﴿يا أيها الإنسان﴾ أي : البشر الآنس بنفسه الناسي لما يعنيه خطاب لمنكري البعث. وروى عطاء عن ابن عباس : أنها نزلت في الوليد بن المغيرة. وقال الكلبي ومقاتل : نزلت في أبي الشريق ضرب النبي ﷺ فلم يعاقبه الله تعالى في أوّل أمره. وقيل : تتناول جميع العصاة لأنّ الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ﴿ما غرّك بربك﴾ أي : ما خدعك وسوّل لك الباطل حتى تركت ما أوجب عليك المحسن إليك وأتيت بالمحرّمات ﴿الكريم﴾ أي : الذي له الكمال كله المقتضي لأن لا يهمل الظالم ولا يسوى بين المحسن والمسيء، هذا إذا حملنا الإنسان على جميع العصاة، فإن حملناه على الكافر وهو ظاهر الآية فالمعنى : ما الذي دعاك إلى الكفر وإنكار الحشر والنشر.


الصفحة التالية
Icon